خالد أحمد الطراح 

العم الدكتور أحمد الخطيب – أطال الله في عمره – اجتمعت فيه خصال المناضل السياسي والإنسان الذي درس الطب من أجل إنسانية العلاج، واهتماماته توزعت بين الطب والسياسة منذ الثلاثينات.
يكتب إلى اليوم عن أهم التطورات والظروف التي يشهدها الوطن، وقناعته بالديموقراطية لم تهتز منذ أيام قسوة النضال السياسي، فهو عاشق لرواية التاريخ وتحديات الماضي والمستقبل، خصوصا للشباب، وحريص للغاية أيضا على تلبية دعوات الشباب له بسبب إيمانه المطلق بأنهم المستقبل الذي يمكن أن يواصل مسيرة الدفاع عن الدستور والديموقراطية.
د. الخطيب جريء وصريح للغاية، يتحدث كما يكتب من ذاكرة حاضرة رغم كل ما مر فيه من صنوف القسوة التي يعرفها رجالات الكويت ولم يوثقها التاريخ رسميا، ربما لأن تاريخ الخطيب غير محبذ أن يكون واقعا مكتوبا!
على الرغم من مساهماته ونضاله السياسي، لم يتوقف عن ممارسة الطب، فعيادته الصغيرة في منطقة شرق سابقا، التي انتقلت اليوم إلى منطقة حولي، تحتضن الجميع مقابل رسوم رمزية.
عيادة شرق تحولت إلى مستوصف الخطيب، بإدارة ابنتيه الدكتورة أسيل والدكتورة أريج، والمستوصف مختلف عن مسمى العيادة، وربما الاختلاف يكمن في أن العيادات تكون تخصصية ولها رسوم متفاوتة وعالية أيضا بينما مستوصف الخطيب يستقبل كل الحالات وبرسوم متواضعة مقابل خدمات طبية لم تنحرف يوما عن الإنسانية والمهنية.
الدكتورة أسيل استشارية في تخصصها بناء على نصيحة والدها، لكنها تقدم نفسها بأنها الدكتورة أسيل وليست الاستشارية. فالاستشاري يحق له أن يكسب أكثر من غيره من الأطباء، لكنها امتثلت لتوصية والدها في ممارسة طب العائلة، ومن يعرف مستوصف الخطيب يدخل مريضا ويخرج معافى بسبب ابتسامة ودفء استقبال ابنتيه وإنسانية المعاملة، كما حرص عليها والدهما منذ بداياته في الميدان الطبي.
د. الخطيب ليس جزءا من تاريخ الكويت، وإنما هو من صناعه، وما نعيشه اليوم هو نتيجة نضال له ولشخصيات عديدة، منهم من توفاه الله ومنهم من على قيد الحياة، وندعو لهم بطول العمر والعطاء.
تكريم الدكتور الخطيب، المناضل والإنسان، واجب وطني مستحق، أتمنى أن يحظى الاقتراح بالمباركة، وهو أقل ما يمكن أن نقدمه كشعب ووطن لصناع تاريخ دولة الدستور وهم على قيد الحياة.
ويستحق العم الخطيب أيضا أعلى وسام لما قدمه هو وغيره من شخصيات في ما ننعم فيه اليوم من حريات دستورية محل احترام العالم ككل، خصوصا إبان مرحلة الغزو.
من الخطأ أن يتم النظر إلى تاريخ نشأة الكويت وتطورها من زاوية أحادية أو اجتزاء ما لا يروق للبعض، فتاريخ النضال السياسي لشخصيات ورموز كويتية لن تمحيها أهواء فردية، بل ستظل راسخة في ذاكرة الوطن والمواطن حتى لو كانت خارج التوثيق الرسمي!
لنا في التاريخ دروس عديدة، للأسف، يتم تجاهل توثيقها والقفز عليها، منها نضال سياسي واقتصادي لرجالات الكويت، علاوة على تلاحم شعبي غير مسبوق أثناء مؤتمر جدة في 1990 حول القيادة الشرعية.
«الكويت من الإمارة إلى الدولة»، كتاب أصدره العم الدكتور الخطيب، استعرض فيه ذكرياته في العمل الوطني والقومي، يستحق أن يكون مرجعا تاريخيا لجيل اليوم والمستقبل ضمن المناهج السياسية والتاريخية.