نيكي هالي 

في الآونة الأخيرة، وجّه رئيس فنزويلا الذي تواجه قواته الحكومية المتظاهرين في الشوارع، الشكر للمجتمع الدولي لـ«تصويته بالثقة» على التزام بلاده بمبادئ حقوق الإنسان.

وكان نائب وزير الخارجية الكوبي، الذي تواجه حكومته بقوة الخصوم السياسيين، قال ذات مرة، إن كوبا تتمتع بهيبة تاريخية «في مجال دعم وحماية حقوق الإنسان»! لقد انتخب هؤلاء لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، والذي يعتبر أعضاؤه مكلفين بمراقبة «التمسك بأعلى المعايير» في مجال حقوق الإنسان.

وفي الشهر الماضي، اجتمعت لجنة فرعية في مجلس الشيوخ الأميركي، للنظر فيما إذا كان يجب على الولايات المتحدة أن تظل جزءاً من مجلس حقوق الإنسان أم لا. وفي ذلك الاجتماع تشارك الخبراء وجهات نظرهم، ليس بشأن السؤال المتعلق بما إذا كانت أميركا تدعم حقوق الإنسان أم لا، وإنما بشأن بما إذا كان مجلس حقوق الإنسان، يدعم حقوق الإنسان بالفعل، أم أنه بات مجرد واجهة لتبييض وجه بعض النظم غير الديمقراطية؟

عندما يهتم المجلس بحقوق الإنسان بدلاً من السياسة، فإنه يحقق تقدماً كبيراً في القضايا المهمة. ففي موضوع كوريا الشمالية، مثلاً، أدى اهتمام المجلس إلى اتخاذ إجراء بشأن انتهاكات حقوق الإنسان هناك. وفي موضوع سوريا، أسس المجلس لجنة للتحقيق في فظائع نظام بشار الأسد.

بيد أن ما يحدث، في الغالب، هو تجاهل ضحايا أكثر انتهاكات حقوق الإنسان بشاعة في العالم، من قبل المجلس الذي يفترض أنه المسؤول الأول عن حمايتهم. فنحن نرى مثلاً أن فنزويلا عضو في مجلس حقوق الإنسان، رغم التدمير المنهجي للمجتمع المدني على أيدي حكومة مادورو، من خلال الاعتقالات التعسفية والتعذيب والانتهاكات الصارخة لحرية التعبير. ومع أن الأزمة الحالية في فنزويلا قد ظلت في طور التشكل لمدة 18 عاماً، فإنه لم يحدث ولو مرة واحدة، أن رأى مجلس حقوق الإنسان، أنه قد يكون من المناسب إدانة فنزويلا.

والحكومة الكوبية تمارس رقابة صارمة على وسائل الإعلام، وتقلص كثيراً من قدرة الشعب الكوبي على الوصول إلى الإنترنت، وفي سجونها بعض المعتقلين السياسيين. ومع ذلك، لم تصدر أبداً إدانة من المجلس لحكومتها، لأنها هي أيضاً عضو فيه.

وهناك أيضاً موضوع روسيا وأوكرانيا. ففي عام 2014 تدخلت روسيا في أوكرانيا، وضمت شبه جزيرة القرم. ونتج عن هذا مصرع وإصابة بعض المدنيين، والعديد من الاعتقالات. ومع ذلك، لم تتم أبداً الدعوة لعقد اجتماع خاص لمجلس حقوق الإنسان لمناقشة هذا الأمر، وكانت النتيجة أن الانتهاكات في أوكرانيا استمرت في التزايد. ومعلوم أن مجلس حقوق الإنسان، قد ألقيت على كاهلة مسؤولية جسيمة، حيث كلف باستخدام القوة المعنوية لحقوق الإنسان على مستوى العالم، ليصبح المدافع العالمي الأول عن الضعفاء والمنكشفين الذين يعيشون بيننا.

لذلك على المنظمة الأممية أن تعمل لاسترداد شرعية هذه المجلس بكل الوسائل. وعلى الجميع أن ينظروا إلى هذا الأمر كمهمة عاجلة، لأن حقوق الإنسان مسألة مركزية، بالنسبة للأمم المتحدة تحديداً.

وفي أبريل، خصصت دورة رئاسة الولايات المتحدة لمجلس الأمن الدولي لتوضيح الصلة بين حقوق الإنسان والسلام والأمن. وفي الأسبوع المقبل، سأسافر إلى جنيف لمخاطبة مجلس حقوق الإنسان بشأن مخاوف الولايات المتحدة بشأن انتهاكات هذه الحقوق. وسأعمل على إبراز التغييرات التي يجب عملها، ومنها مثلاً أن عضوية المجلس يجب أن تتقرر من خلال تصويت تنافسي، للحيلولة دون حصول منتهكي حقوق الإنسان في العالم على مقاعد في المجلس. وحسب الوضع الحالي، تقوم الكتل الإقليمية بتسمية مرشحين يفوزون بالمقاعد بالتزكية، أي دون منافسة. أما في حالة المنافسة، فإن القائمين بالاختيار، سيجدون أنفسهم مضطرين للنظر في سجلات حقوق الإنسان للدول المرشحة، وذلك قبل الأدلاء بالأصوات. ووجود دول مصنفة ضمن منتهكي حقوق الإنسان في المجلس، قوض مصداقيته وشوه قضية حقوق الإنسان في آن واحد. فعندما يتحول أكبر مجلس لحقوق الإنسان في العالم إلى ملاذ لمنتهكي هذه الحقوق، فإن فكرة التعاون الدولي من أجل دعم الكرامة الإنسانية، تفقد مصداقيتها.

وأعتقد بشكل يقيني، أن رؤية مجلس حقوق الإنسان مازال من الممكن تحقيقها؛ لكن ينبغي أن ندرك أن ذلك لن يتم دون إدخال تغييرات. ومسؤولية الأمم المتحدة هي استرداد هذه الرؤية، واستعادة الشرعية لمبادئ حقوق الإنسان.

* السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»