محمد الحمادي

 

أقرب جيران قطر هي المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين ودولة الإمارات وهي أول ثلاث دول أعلنت قطع العلاقات مع شقيقتها الصغيرة، وهي أكثر ثلاث دول تتداخل شعوبها بالشعب القطري اجتماعياً وأسرياً، وهي أكثر ثلاث دول يرتبط اقتصادها بالاقتصاد القطري، وهي التي اتخذت هذا القرار الصعب بالمقاطعة، وبعد ذلك أكبر دولة عربية وهي مصر اتخذت القرار نفسه، مصر بمكانتها العربية والإسلامية والعالمية، مصر العروبة ومصر الكرامة ومصر الخير، مصر الشقيقة الكبرى للعرب التي لم تخذل العرب يوماً، فقد كانت في كل قضاياهم النصير والشقيقة التي لا تتخلى عن أشقائها، وإن أخطأوا فهي تسامح وتتجاوز عن الخطأ، ووقفت مع القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني عقوداً من الزمان ولم تتراجع، ووقفت مع جميع دول الخليج في الحرب والسلم، ووقفت حتى مع الغريب في أفريقيا، وفي دول العالم من أجل الخير والسلام والتنمية، فهل كل هذه الدول بكل ما لها من سجل ناصع البياض في العلاقات مع قطر والوقوف معها هي على خطأ وقطر على صواب؟!

نستغرب كثيراً من القيادة السياسية في الدوحة، كيف تفكر وكيف تحكم على الأمور، ونستغرب، بعد أن اكتشفنا ما قامت به طوال سنوات، وبعد أن قامت السعودية والإمارات بمواجهتها بها، ولَم تستطع أن تنكر كل التهم التي وجهت إليها، أن تصر على موقفها الذي لا يضر بها فقط، وإنما يضر بمصالح دول الخليج بأكملها، وبالمصالح العربية والإسلامية، فهي تدعم الإرهابيين باحتضانهم في الدوحة وتمويلهم من مؤسساتها.

وبدلاً من أن تتراجع وتعترف بأخطائها فإنها تصر، بل وتستفز الجميع بأن تلقي بنفسها في حضن الإيراني الغريب الذي لطالما أساء إليها ولشعبها، الذي هو جزء من الشعب الخليجي والعربي، النظام الإيراني لا يريد من قطر إلا خيراتها واستنزاف مواردها، فما الذي يجعل قطر تذهب للبعيد والغريب وتترك القريب والشقيق؟

الوقت ليس في صالح القيادة القطرية أبداً، فبعد أن انتهت اللعبة وانكشفت جميع الأوراق أصبح على الدوحة أن تقر بأنها ارتكبت الأخطاء وتعود للحضن الخليجي والبيت العربي الكبير، وهذا هو عين العقل، أما إذا استمرت القيادة القطرية في الهروب نحو الهاوية، فإنها ستكتشف سريعاً أنها تدفع ثمن ذلك غالياً بعد أن تكون قد خسرت كل شيء وخسرت جميع أصدقائها، وخسرت حتى من يرتدون قناع الصداقة وهم أعداؤها.

بعد ثلاثة أيام على قطع العلاقات مع قطر انكشفت أمور مؤسفة كثيرة، منها على سبيل المثال أن الشعب القطري الشقيق «مُغيّب» تماماً عن واقع السياسة الخارجية القطرية، ولا يعرف ما الذي فعلته وتفعله حكومته من دعم للإرهاب وتمويله، ومن إساءة لدول شقيقة خليجية وعربية، وواضح أن الشعب غير قادر على استيعاب الوضع الذي هو فيه، لذا هو في حيرة هل يقف مع قيادته، أم يقف مع مستقبله؟ ويتساءل مثلنا: هل يُعقل أن كل هذه الدول على خطأ وقطر وحدها على صواب؟!