رائد برقاوي

يُظهر اقتصاد الإمارات المرة تلو الأخرى قدرته على تجاوز المتغيرات الاقتصادية والجيوسياسية، فمتانة أسسه وحيويته تجعله مرناً قادراً على مواكبة المستجدات.
في الأزمة القطرية وحالة الانعزال التي اختارتها الدوحة لاقتصادها وشعبها بتأييدها ودعمها وتمويلها للإرهاب والجماعات المرتبطة بالتطرف، أبدى الاقتصاد الإماراتي قوة إضافية أكدت دوره الإقليمي الفعّال في أسواق المال والتجارة الخارجية والطيران والخدمات اللوجستية وإعادة التصدير.

لم نكن بحاجة الى «أزمة» لكي نتأكد من إمكانات الاقتصاد الإماراتي، ثاني أكبر اقتصاد عربي والذي يحتضن شركات عالمية تلعب أدواراً محورية في الاقتصاد الدولي، لكن «أزمة الدوحة» أظهرت صحة الاستراتيجيات التي خطّتها الإمارات منذ عقود نحو بناء قطاع غير نفطي متنوع مدعوم بشبكة علاقات تجارية دولية يتعامل مع أسواق تتجاوز كثافتها ملياري نسمة.
في افتتاح جناح الإمارات في معرض «إكسبو أستانا» يبدو واضحاً المدى الذي وصلت إليه شبكة علاقات الإمارات الاقتصادية في آسيا الوسطى، فبلد مثل كازاخستان تمثل الإمارات بالنسبة له أكبر شريك اقتصادي عربي، فيما تعتبر أكبر مستثمر عربي بمليار دولار، فيما الدولة تستقبل أكثر من 100 ألف سائح كازاخستاني، وتستضيف 1500 طالب على مقاعد الجامعات في الإمارات.
كازاخستان هي نموذج لعشرات الدول في مناطق آسيا وإفريقيا وحتى أمريكا اللاتينية التي تمثل الإمارات بالنسبة لها نموذجاً ومعبراً لبناء علاقات اقتصادية مع الشرق الأوسط، وهو أمر يضع على الإمارات في القطاعين الحكومي والخاص جملة من التحديات التي يتطلب مواكبتها لتتمكن من الاستمرار في احتلال الصدارة.

مواكبة المتغيرات في العلوم والتقنية واستشراف المستقبل وتعميق التشريعات والتعاون بين القطاعين والحوكمة والرقابة على الأداء، كلها قضايا تحتاج إلى تحديث دائم للإبقاء على التميز عند أعلى مستوياته، وهو ما يعني تنافسية أشمل وتنمية مستدامة.
وما تقرير المعهد الدولي للتنمية الإدارية الأخير، والذي أظهر تقدّم الإمارات على مؤشر التنافسية العالمي لتحجز مكانة متقدّمة بين الكبار، إلا تأكيد على قدرة الإمارات وجاهزية اقتصادها لمواصلة الريادة عالمياً. ولا نبالغ في ذلك ، إذا ما لاحظنا أنه من بين المؤشرات الأربعة الرئيسية، احتلت الإمارات المركز الثاني والرابع والخامس عالمياً في «كفاءة الأعمال» و«كفاءة الحكومة» و«الأداء الاقتصادي».
وبهذا تكون الإمارات الوحيدة مع سويسرا التي تحقق في 3 مؤشرات من أصل4، مراكز متقدمة بين العشرة الأوائل. وذلك يدل على المزيج الفريد الذي توفره الدولة لقطاعات الأعمال من كفاءة على المستوى الحكومي والأعمال . مؤشر علينا تعزيزه والبناء عليه.