علي سعد الموسى

في سلسلة مقالاته الأربعة الشهيرة بصحيفة الشرق، كان إمبراطور القلم السعودي قينان الغامدي، أول من كشف ستارة المسرح القطري وحبكة الشذوذ السياسي لنظام يصافح أشقاءه باليمين ثم يركل كل تعهداته بالقدم. بعدها بفترة وجيزة غاب قينان عن مشهد إدارة الصحافة والرأي الوطني، ربما لأنه أراد الاعتزال بعد أربعة أهداف تاريخية، أو هكذا كانت نهاية الرواية. استعادت وسائل التواصل الاجتماعي «إعادة تدوير» تلك المقالات بكثافة في الأسبوع الأخير، فكأنه لم يكتبها لنا سوى صباح الأمس، لا قبل سنوات. مقالات استثنائية لن أغامر بالقول إننا ولربما سنعيد تدويرها، حتى بعد عقد من اليوم، فكل ليلة لدينا، وللأسف، مع قطر تشبه البارحة.
وجهة نظري الشخصية أن مرحلة «الحزم» السعودية التاريخية ربما تأخرت لسنوات. أنا مؤمن تماماً 
أن الفارق ما بين كلمتي «الحلم، والحزم» أكثر من مجرد إبدال الحروف في وسط الكلمتين.
سأكون أكثر وضوحاً وشفافية إن قلت إننا، في كل الخليج، قد أخطأنا في حق الشقيقة الغالية، قطر، لأننا، وبالحلم وسعة البال الطويلين، تركناها تغوص في هذا المستنقع الذي كنا سننقذها منه، حكومة وشعباً، لو أن «الحزم» السعودي بالتحديد جاء في مرحلة مبكرة وحاسمة. وحين استمعت إلى قوائم الإيواء القطري لهذه الأسماء المخيفة من رعاة الإرهاب أصبت بالذهول والصدمة: كيف تركنا أسماء مثل طارق الزمر ومحمد الإسلامبولي ووجدي غنيم ترفل وتأكل في مدينة خليجية غالية عزيزة رغم التاريخ الأسود المليء بالدماء،
ورغم كل فتاوى التكفير المتكررة من أفواه هؤلاء في حقنا بالتحديد.
كيف تركنا الدوحة تحت ذريعة الحلم والصبر على مراهقة شقيق حتى أضحت قطر مجتمعاً تختطفه ثقافة «منظمة الإرهاب العميقة»، التي يصعب أن تتخلص منها بسهولة بعد أن أصبحت ثقافة احتلال فكري ترعاه عشرات المؤسسات، التي لا تمتلك منها قطر سوى اسم الدولة على أغلفة الرسائل و«كليشة» الورق. 
كيف تركنا هذا الشقيق تحت رحمة هذا الاحتلال الثقافي الجارف إلى الحد الذي لم تجد به قطر من شبابها
أحداً يترافع عنها في ورطتها التاريخية إلا ما كان من الأخ عبدالله العذبة، الذي يكرر ذات جمله مع كل نشرة أخبار لأسبوعين.
من هو الذي لم يفق من هذه الصدمة وهو يصحو على الجرح الذي يقول إن أسماء مثل عبدالله الصلابي وبلحاج وحجاج العجمي يدخلون إلى مطار الدوحة من صالون كبار الضيوف ويغادرونه على مقاعد الدرجة الأولى، وللدهشة يحاضرون في مؤسساتها المختلفة وللصدمة، أمام أجانب خلص ليس من بينهم حتى شاب قطري.
هذه أسماء لعمالقة إرهاب. نعم أحب قطر وأحب شعبها الغالي الشقيق. أكتب هذه الحقائق بكل الألم.