قينان الغامدي

عندما كتبت (عدة مقالات أواخر 2012 وبدايات 2013 في صحيفة الشرق) عن تحركات قطر التآمرية على المملكة، ودعمها المادي الهائل للتنظيمات الإرهابية في كل بلد وفي المملكة بصورة خاصة، واستمالة رموز التطرف الداعم للإرهاب وإغداق الأموال عليهم في داخل المملكة وخارجها، وذلك ضمن تخطيطها لإنجاح هدفها القميء في تطويق المملكة وتكوين قاعدة شعبية داخلها، وتحقيق تطلعاتها المريضة في خلخلة أمن المملكة -حماها الله- وزعزعة استقرارها، وإسقاط نظامها، وحكاية إسقاط النظام هذه حقيقة، أكدتها المكالمتان الشهيرتان القديمتان للحمدين، الأمير السابق حمد ورئيس وزرائه، والأخير كانت مكالمته ضمن استشهادي في مقالاتي تلك. 
أقول الآن: عندما كتبت آنذاك، كنت مستندا إلى معلومات موثقة، رصدتها الصحيفة بواسطة قسمها السياسي ومراسليها في عواصم العالم، وبعض تلك المواد الصحفية التي نشرت طيلة النصف الأخير من عام 2012 كانت تحمل في ثناياها أسماء مصادرها إلا تلك المصادر التي طلبت عدم ذكرها، واكتفت بتقديم ما لديها من معلومات ووثائق دامغة. 
كما أنني لم يكن هدفي ولا هدف الصحيفة، (وقد كانت الشرق آنذاك الوحيدة التي خاضت في هذا الملف بوضوح)، لم يكن الهدف إبلاغ الحكومة علنا عن تلك التحركات التآمرية، فنحن نعلم أن الدولة عبر أجهزتها المختصة تعرف ذلك، بل وتعرف أكثر مما تستطيع الوصول إليه صحيفة -أي صحيفة-، لكن -وهذا معروف- قيادتنا تتحلى دائما بالصبر وتتذرع بالأمل، وتحاول أن تعطي الفرصة تلو الأخرى، عل النظام القطري يفي بتعهداته المكتوبة، واعتذاراته الشفهية، التي تكررت مرات عديدة منذ 1996، ولأن حكومة قطر أيضا تعرف هذا التسامح والصبر عند قيادتنا وحكومتنا، فقد التزمت الصمت المطبق عن مقالاتي وما نشرته الصحيفة من حقائق، واكتفت بردود وتعليقات تشكيكية وتكذيبية عبر مقالات نشرتها صحفها، وبعضها كتبها سعوديون معروفون!، ثم استخدمت قيادة قطر أسلوبها في استغلال صبر حكومتنا وتسامح قيادتنا وردت على مقالاتي بصورة عملية (معروفة!). 
لقد كان الهدف إبلاغ وتنوير المواطنين عما يحاك من مؤامرة ضخمة مرعبة لوطنهم من الشقيق الأصغر الجار الشريك في الدين واللغة والمصير!! الموجود في نقطة صغيرة من الخاصرة، لكنها تشبه تلك النقطة التي يمكن للبعوضة أن تدمي منها مقلة الأسد !!، وأيضا توعيتهم عن أهداف التيار السروري الإخواني الذي ولد ونشأ وتفرعن داخل الوطن وخارجه، وامتد خارجه عبر ما سمي بالصحوة على مدار نحو أربعة عقود خلت، وكان معظم رموزه من زوار قطر وداعميها، وقد بادلتهم بالترحيب والتبجيل (والريال الطاهر!!)، كما كنت يومها أحذر هؤلاء (الخطر باسم الدعوة والوعظ !!) وأحَذِّر منهم، وأوضحت أنهم كانوا رؤوس إثارة وتشجيع الاعتصامات في بعض الأماكن وأبرزها عند الديوان الملكي، والتجمعات التظاهرية التي حدثت آنذاك في بعض الجامعات بمطالبات محقة أريد بها باطل، والأمر كان واضحا فبعض الاعتصامات كانوا عمادها ومشاركين فيها علنا، ومن لم يشارك فقد حرر علنا عبر هاشتاقات شهيرة!!
ومع أنني أوضحت هدفي هذا في المقالات نفسها، إلا أنني قوبلت بقليل من التصديق من بعض القراء والمواطنين عموما، وعاصفة من التشكيك والتكذيب، في وسائل التواصل الاجتماعي وعبر الصحيفة والاتصالات والمقالات، من رموز الصحوة وأتباعها من داخل الوطن وخارجه، أما المائيون (الذين يداهنون كل تيار ويتملقونه!!) فقد وصفوني بالمتهور الذي يسيء إلى علاقات المملكة مع أشقائها بجهله!!، ويتهم الخيرين (رموز التأليب والتجييش طبعا!!) بما ليس فيهم، بل وأنني (وكنت رئيس تحرير !!) أسعى إلى الشهرة على حساب الوطن!!
فما رأي هؤلاء الآن، وقد ظهر أكثر وأفظع مما قلنا عن مؤامرة قطر، كما أكد المدافعون عنها اليوم علنا وبالصوت المرتفع، وهم يحذرون المملكة -وبعضهم سعوديون وسعوديات من الخارج!- من أنها كونت بعلاقاتها (رشاواها!!) قاعدة شعبية لها داخل السعودية؟! فماذا يقول أولئك الذين كذبوا واتهموا وشتموا، ولماذا هم الآن صامتون!