خالد أحمد الطراح

 يبدو أن دولة الرفاه أصبحت واقعاً يتبناها ديوان الخدمة المدنية في سياسة التوظيف، التي تعاني اختلالات وتناقضات منذ سنوات، فالديوان جزء من الجهاز الحكومي المترهل، وحاله من حال جميع الأجهزة الرسمية التي يغيب عنها وضوح الرؤية!
وجد الديوان حلاً لتبرير تخبط سياسة التوظيف واختلال سوق العمل وعدم قدرته على تقديم آلية لربط مخرجات التعليم مع متطلبات سوق العمل، في رمي المشكلة برمتها على الباحثين عن العمل عبر الديوان، خصوصاً العاطلين منهم (بنسبة %35)، الذين وصفهم مدير إدارة الاختبار في قطاع الشؤون القانونية بأنهم «غير جادين» حتى تغلي الساحة المحلية بالشحن الشعبوي أكثر مما هي عليه حالياً!
من بين ما نشر في لقاء القبس (2017/5/19) «أن آلافاً من الخريجين رفضوا التوظيف لأكثر من 27 مرة، وأغلب هؤلاء غير جادين في الحصول على العمل، وأعمارهم تتجاوز 45 عاماً وأن 6 آلاف شاب يرفضون العمل باستمرار»!
شكراً لالتزام ديوان الخدمة المدنية بقرار مجلس الوزراء رقم 99/551، لكن نود لفت الانتباه إلى أن القرارات ممكن تطويرها وتحديثها بما يخدم الأهداف المنشودة، ووفقاً لآلية العمل وسياسات التوظيف، علماً بأن كل القرارات ذات الصلة بيد ديوان الخدمة المدنية، وتحديداً القطاع القانوني وليس أي جهة أخرى، ولا أتوقع أن تقف إدارة الفتوى والتشريع حجر عثرة أمام متطلبات تنظيمية تصحح أي قصور في سياسة التوظيف، سواء لدى الأجهزة الحكومية أو في ما يخص تنظيم آلية توظيف الباحثين عن العمل، خصوصاً «غير الجادين» منهم على حد تعبير مدير إدارة الاختبار في القطاع القانوني للديوان!
أمّا الامتيازات المالية التي تتمتع فيها بعض الأجهزة والوزارات، فهي معتمدة من قبل ديوان الخدمة المدنية، وكذلك نمو الهياكل التنظيمية في الوزارات والإدارات الحكومية والهيئات والمؤسسات العامة بموجب قرار 2001/666 وليس ثمة أي خطأ في حال وجود رغبات للباحثين عن العمل في الجهات التي تتميز عن غيرها بامتيازات مالية مثلما وافق ديوان الخدمة المدنية على «استثناء الديوان الأميري وديوان ولي العهد ووزارة الخارجية وجهات أخرى وحصر العمل فيها بموافقة مسبقة من هذه الجهات» وفقاً لتصريح مسؤول الديوان!
علاوة على ذلك، ما التفسير القانوني لعدم وضع الديوان لضوابط تحد من أي تعسف في سياسات التوظيف أو في الاختيار من قبل الباحثين؟ هل من المعقول أن يستمر الديوان في إدراج باحثين عن عمل ممن «تجاوز 45 عاماً»؟ هل قانون التقاعد والتوظيف الذي وضعه الديوان يتيح الفرصة لموظف بهذا العمر؟
ليت مدير إدارة الاختبار قدم حلولاً جادة لرفض الباحثين عن العمل، لا سيما أن القرار أصلاً بيد ديوان الخدمة المدنية في معالجة أي قصور وعدم حصر المشكلة في الباحثين عن العمل ورغبة البعض في الانتقائية في اختيار مكان العمل، فمثل هذه السلوكيات لم يختلقها المواطن لنفسه، وإنما زرعتها سياسات الحكومة في غرس «الدلال» والاتكال على الحكومة في الصغيرة والكبيرة!
وليت المدير تناول الحلول لاختلال سوق العمل بين الكويتيين والوافدين بشكل مهني وعملي!
آمل أن تثري هذه الملاحظات في تطوير آليات العمل لدى الديوان، وتعالج أي معوقات تعترض عمله، وتساهم أيضاً في حل مشكلة الباحثين عن العمل وتحقيق توازن عادل في سوق العمل بين المواطنين والوافدين من دون تحميل المواطن أخطاء وعجز سياسات الحكومة في تقديم رؤى واضحة وعملية!