«الاقتصادية» من الرياض

من دعم ست حركات في البحرين أبرزها "حزب الله البحريني" و"سرايا الأشتر" و"حركة أحرار البحرين"، إلى تجنيس عائلات بحرينية معينة مقابل دعمها لتلك الحركات الميليشياوية التي تصنفها المنامة "إرهابية"، تعددت مظاهر وأشكال التدخل القطري في الشؤون الداخلية البحرينية، تدخلا كان خفيا في أحيان ومسكوتا عنه في أحيان أخرى حفاظا على وحدة الصف الخليجي، كما يمثل أحد أسباب الأزمة الخليجية الحالية حيث قطعت ثلاث عواصم خليجية، هي الرياض وأبوظبي والمنامة، علاقاتها بالدوحة، والسبب الرئيس المعلن هو "دعم الأخيرة للإرهاب".

سياسة التدخل المرفوض التي مارستها قطر لم يكن لها هدف سوى إسقاط النظام البحريني القائم وتمكين أشخاص مقربين من النظام الإيراني من الوصول إلى سدة الحكم في المنامة. ويستعرض تقرير نشره موقع "العربية. نت" مظاهر التدخل القطري في شؤون البحرين الداخلية تنفيذا للأجندة الإيرانية.

في عام 2011 شهدت البحرين احتجاجات تخللها أعمال عنف من قبل جماعات مدعومة من النظام الإيراني حيث كان دور القنصل الإيراني واضحا في تلك الأحداث وقد طردته المنامة بعد أن قام بتزويد بعض الجماعات بأجهزة اتصال.

الدور الإيراني في تلك الأحداث كان جليا ولم يخف المسؤولون الإيرانيون دعمهم لتلك الأحداث، ولكن الدور القطري لم يكن مكشوفا للجميع حينها.

وكشفت صحيفة "الوطن" البحرينية في 7 حزيران (يونيو) الجاري ما قامت به قطر خلال تلك الحقبة، وعرضت الصحيفة معلومات يبدو أن إخفاءها كان بغرض الحفاظ على وحدة الصف الخليجي.

وحسب الصحيفة فإن الدوحة أجرت اتصالات مع طهران والمعارضة البحرينية وبالتحديد جمعية الوفاق لإطلاق ما يسمى بـ"المبادرة القطرية".

ويضيف التقرير أن الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني رئيس الوزراء القطري السابق، أجرى اتصالات مكثفة، في آذار (مارس) 2011، مع علي سلمان أمين عام "جمعية الوفاق"، قبل دخول قوات "درع الجزيرة" إلى البحرين وإنهاء الأزمة في فترة وجيزة، وقدم في اتصالاته مجموعة من الأفكار، اعتبرها لاحقا مبادرة قطرية للمنامة.

وأوضحت الصحيفة أن الشيخ حمد طلب من "جمعية الوفاق"، خلال اتصالاته، "ضرورة التنسيق بينها وبين الجمعيات المتحالفة معها لضمان استمرار المحتجين في دوار مجلس التعاون، بحيث تقوم قطر بالضغط على حكومة البحرين من أجل أن تفتح الجهات الأمنية جميع الطرق للجمهور، وإيقاف الحراسات الأهلية، وكذلك نقاط التفتيش الشعبية".

وقالت الصحيفة، إن المعلومات كشفت عن أن رئيس الوزراء القطري آنذاك، بلور على ضوء اتصالات وثيقة "المبادرة القطرية" التي تطلب من حكومة البحرين تنفيذ 4 خطوات أساسية وهي، "ضمان حق التظاهر لجميع المواطنين، إيقاف تلفزيون البحرين، الإفراج عن جميع الموقوفين في الأحداث، تشكيل حكومة انتقالية خلال شهرين".

ونالت تلك الأفكار قبول الأمانة العامة لـ"جمعية الوفاق" البحرينية، خاصة بعد أن أكد حمد بن جاسم أن الدوحة ستكون الراعي الرئيس لهذه المبادرة، وأكدت الوفاق ضرورة إشراكها في الحكومة الانتقالية فوافق على هذا الطلب، وطرحت الحكومة القطرية هذه الأفكار على حكومة البحرين التي رفضتها بشكل كامل، لكونها تعد تدخلاً في الشؤون الداخلية المحلية.

وفي أيار (مايو) 2014 بدأت بعض وسائل الإعلام تتحدث عن هجرة بعض العائلات البحرينية إلى قطر. وكسر الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة وزير الخارجية البحريني الصمت الرسمي وتحدث بصراحة عن تجنيس قطر لعائلات بحرينية، متهما قطر بـ"التمييز"، وذلك في لقاء تلفزيوني مع قناة "روتانا خليجية" بُثَّ يوم السبت 12 تموز (يوليو) 2014، مشيرا إلى أن كثيرا من أبناء البحرين يتم إغراؤهم بالجنسية القطرية تحت مسبب أن له انتماء عائليا هناك، ولكن الانتماء العائلي موجود في الجهتين.

وأوضح الوزير أن ذلك يؤثر على استقرار بلد ويفرغه من أهله، ويفرق بين أبناء البحرين، متهما قطر بالتعامل "في الموضوع على أساس مذهبي، إذا كان سنيا من قبائل عربية من أهل البحرين فالباب مفتوح، وإذا كان شيعيا فالباب أمامه مغلق".

وبعد نحو شهر، أعلن الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة وزير الداخلية البحريني أن بلاده قد تضطر إلى اتخاذ إجراءات معاكسة ضد قطر نتيجة استمرار الدوحة في إغراء المواطنين البحرينيين بالجنسية القطرية والتخلي عن جنسيتهم البحرينية الأصلية. ووصف الشيخ راشد استمرار قطر في هذا التوجه بـ"غير الودي" والمهين.

وحسب مصدر بحريني مطلع فإن ظاهرة التجنيس القطرية تستهدف عائلات ينتمي أفرادها للمؤسسة العسكرية والأمنية التي كان لها الدور في حفظ الأمن البحريني في الاضطرابات التي شهدتها في عام 2011. وتعد المنامة أن هذه الظاهرة تستهدف أمن البحرين الوطني.

وشهد عام 2014 أيضا أزمة خليجية، حيث سحبت السعودية والإمارات والبحرين سفراءها من قطر. وانتهت الأزمة بعد الوصول إلى اتفاق أحد بنوده التزام قطر بعدم تجنيس المواطنين البحرينيين؛ وهو مطلب أصرت عليه المنامة، ولكن بعد الاتفاق بعدة أشهر قال مسؤول بحريني، إن "قطر تواصل عمليات التجنيس لمواطنين بحرينيين".
وتأتي عمليات التجنيس بالتزامن مع دعم قطري لجماعات مقربة من إيران لم تجنس الدوحة أعضاءها وتسعى إلى الإطاحة بالنظام البحريني.

وفي بيان قطع العلاقات مع قطر، اتهمت البحرين قطر بـ"دعم الأنشطة الإرهابية المسلحة وتمويل الجماعات المرتبطة بإيران للقيام بالتخريب ونشر الفوضى في البحرين في انتهاك صارخ لكل الاتفاقات والمواثيق ومبادئ القانون الدولي دون أدنى مراعاة لقيم أو قانون" مع اعتبار أن الدوحة انتهكت مبادئ حسن الجوار و"تنكرت لجميع التعهدات السابقة".
وبعد عدة أيام، صدر البيان الرباعي المشترك الذي وقعته السعودية ومصر والإمارات والبحرين بتصنيف 59 فردا و12 كيانا تمولهم قطر في قائمة الإرهاب. وبعض هذه الكيانات بحرينية مرتبطة بإيران وهي:

* سرايا الأشتر: تنظيم شيعي متطرف يؤمن بعقيدة "التيار الشيرازي" المتشدد، الذي يرى وجوب قيام ثورة شيعية مسلحة لظهور "المهدي الغائب". وتقول مصادر أمنية بحرينية، إن التنظيم تأسس أواخر عام 2012، إذ قام القياديان في التنظيم أحمد يوسف سرحان واسمه الحركي "أبو منتظر" وجاسم أحمد عبدالله واسمه الحركي "ذو الفقار"، الموجودان في إيران بتجنيد عدد من العناصر في البحرين.

وفي منتصف آذار (مارس) الماضي، صنفت الولايات المتحدة، اثنين من قياديي جماعة "سرايا الأشتر" على قائمة الإرهاب، وأكدت الخارجية الأمريكية، في بيان لها، أن إجراءات الحكومة تأتي في أعقاب ازدياد العمليات الإرهابية ضد البحرين التي تمولها إيران بالمال والأسلحة والتدريب، بما يمثل إرهابا مدعوما من الدولة الإيرانية.

* ائتلاف 14 فبراير: تنظيم شيعي يصنف ضمن جماعات تيار الإسلام السياسي الشيعية، ويتبع ولاية الفقيه، نشأ من رحم الاضطرابات التي شهدتها البحرين في 2011، تأسس بقيادتين داخلية وخارجية، ومن أبرز قادته هادي المدرسي أحد مؤسسي التيار الشيرازي الإيراني المتشدد بالمملكة.

* سرايا المقاومة: واحدة من الجماعات الشيعية، التي ظهرت في الفترة الأخيرة على ساحة الأحداث في البحرين، وتبنت عبر منابرها على الإنترنت، عديدا من الهجمات وأعمال العنف داخل المملكة، المتمثلة في استهداف رجال الأمن والتفجيرات وحرق المباني الحكومية، منها مركز شرطة سترة ومركز الخميس ومركز النبيه صالح.

* حزب الله البحريني: تنظيم مسلح، برز نشاطه عام 1981، عندما قام بمحاولة انقلاب فاشلة على نظام الحكم، عن طريق مجموعة تنتمي إلى منظمة سمت نفسها "الجبهة الإسلامية لتحرير البحرين"، التي شهدت تطورا فيما بعد نتج عنه جناح عسكري تحت مظلتها أطلق عليه "حزب الله البحريني". وتربط الحزب علاقات وثيقة بـ"حزب الله" في #لبنان والنظام الإيراني، حيث قام الحزب البحريني بتجنيد وتدريب مجموعة من أفراده بمعسكر "كوج" شمال إيران، وكذلك في معسكرات الحزب اللبناني. ويعمل "حزب الله البحريني" تحت عديد من المسميات، منها "حركة أحرار البحرين" و"منظمة الوطن السليب" و"منظمة العمل المباشر"، ومتورط في عديد من أعمال العنف في #المملكة.

* سرايا المختار: تأسست أواخر عام 2011، في أعقاب اضطرابات البحرين في شباط (فبراير) من العام نفسه، ويستهدف إسقاط النظام، من خلال اعتماده على أسلوب حرب العصابات في مواجهة الحكومة. وأطلق التنظيم أول عملياته في شباط (فبراير) 2013، بسهام تقذف بقاذف محلي صنعها أعضاؤه، وتطورت عمليات "سرايا المختار" لتصل إلى العبوات الناسفة منتصف عام 2013، واستمرت بشكل متواصل حتى أعلنت في بدايات عام 2014، عن تصنيع سلاح "مختار 1" واعتبرته "علما من أعلام أدوات الدفاع المقدس".

* حركة أحرار البحرين: واحدة من أقدم التنظيمات الشيعية التي عرفتها البحرين، تأسست عام 1994، وكانت تدار طوال الفترة الماضية من لندن، ويرأسها سعيد الشهابي. وفي عام 2011، شكلت "أحرار البحرين" مع "حركة الحق" و"تيار الوفاء الإسلامي"، تكتلا جديدا تحت اسم "التحالف من أجل الجمهورية"، الذي ارتفع معه سقف المطالب إلى إلغاء الملكية وإقامة نظام جمهوري، بعد أن كانت تقتصر على إصلاحات حكومية والدعوة إلى ملكية دستورية.