توماس جيبونز- نيف ودان لاموث 

أثار قرار الرئيس دونالد ترامب تفويض وزارة الدفاع «البنتاجون» بتحديد عدد القوات العسكرية في أفغانستان، القلق من احتمال أن يكون إرسال بضعة آلاف من الجنود الأميركيين الإضافيين ونشرهم هناك، بداية لحملة عسكرية جديدة بعد 15 عاماً من الحرب المتواصلة.

وقال وزير الدفاع «جيم ماتيس» في جلسة استماع أمام مجلس الشيوخ، يوم الأربعاء الماضي، إن زيادة عدد القوات المنتشرة في أفغانستان «بشكل كبير» أمر لن يحدث، كما أن بعض الخبراء والقادة العسكريين الميدانيين حذروا البيت الأبيض والكونجرس من العواقب التي قد تترتب على منح البنتاجون «شيكاً على بياض» أثناء النظر في هذا الموضوع.

وفي الوقت الراهن، يرابط 8500 جندي وضابط أميركي في أفغانستان، بالإضافة إلى نحو 5000 جندي من دول حلف شمال الأطلسي «الناتو». وقبل سبع سنوات، كان عديد القوات الأميركية في أفغانستان يفوق 100 ألف، وكانوا يقاتلون ويراقبون الأوضاع انطلاقاً من قواعد عسكرية ضيقة ومتباعدة تنتشر في الأقاليم الأفغانية البعيدة والمنعزلة.

وفيما رفض «ماتيس» إعطاء رقم تقريبي للزيادة في عدد القوات التي سيقرر إرسالها إلى أفغانستان، فقد أخبر اللجنة الفرعية للاعتمادات في مجلس الشيوخ، أثناء جلسة الاستماع، بأنه يعتزم الإعلان عن «الاستراتيجية حول أفغانستان» في منتصف شهر يوليو. وقال: «لقد حصلت على نوع من التفويض المطلق لرسم الاستراتيجية، أو لتحديد رقم قد يخرج عن تلك الاستراتيجية». وأضاف: «أعتقد الآن أننا أصبحنا ندرك ما الذي يجب الاهتمام به فيما يتعلق بالإمكانات التي يتعين إرسالها إلى الأفغان لأنهم أثبتوا أنهم يريدون القتال».

ورأى بعض المنتقدين أن منح التفويض للبنتاجون باتخاذ القرارات المتعلقة بمستوى الوجود العسكري في أفغانستان، هو أسلوب اتبعه ترامب للتنازل عن مسؤولياته باتخاذ القرارات المتعلقة بأطول حرب خاضتها الولايات المتحدة في تاريخها، وهي التي كلفتها أكثر من 2000 جندي.

وفي هذا السياق، قال أندرو إكزوم الذي شغل منصب نائب وزير الدفاع في عهد أوباما: «على رغم أنه (ترامب) قد تجنّب تحمل المسؤولية المباشرة بتفويضه لبعض السلطات، إلا أنه لا يزال أيضاً يتحمل المسؤولية كاملة. ولا يمكن لأحد أن ينكر أن إدارة أوباما التزمت خطة دقيقة وشاملة، وكان الرئيس هو الذي يحتكر صناعة القرار في النهاية».

وعندما أعلن أوباما إرسال 30 ألف جندي إلى أفغانستان، خلال خطاب ألقاه في أكاديمية «ويست بوينت» العسكرية في نيويورك عام 2009، تضمنت الآلية التي اعتمدها في صنع هذا القرار على الأخذ بنتائج مراجعة الموقف العسكري من طرف الجنرال ستانلي ماكريستال الذي كان يشغل منصب قائد القوات الأميركية في أفغانستان. وكان هذا القرار مثيراً للجدل لأنه تزامن مع إعلان أوباما جدولاً زمنياً ستبدأ القوات الأميركية بموجبه الانسحاب من أفغانستان.

وخلال جلسة الاستماع، يوم الأربعاء، تم توجيه انتقادات إلى «ماتيس» بسبب الوضع العسكري الراهن في أفغانستان، حيث تردّى بسبب الجدول الزمني الذي وضعه أوباما. وأشار بعض النواب إلى أن سحب القوات الأميركية من أفغانستان بالوتيرة التي تم تحديدها سابقاً هو الذي عزّز من قوة تنظيم «طالبان»، وأضعف موقف الحكومة والقوات الأفغانية التي كانت غير جاهزة للقتال من دون دعم الولايات المتحدة ومساعدة حلف «الناتو».

وبدوره، قال «ماتيس» إن إرسال المزيد من القوات إلى أفغانستان يمكن أن يضمن لنا استعادة السيطرة عن طريق تخصيص المزيد من الأصول العسكرية الأميركية، وتقديم الدعم الجوي لمساعدة الأفغان. إلا أن تعثر المهمة العسكرية في أفغانستان لا يزال يثير القلق. وهو ما يعني ضرورة إجراء نقاشات جديدة إذا قرر البنتاجون أنه بحاجة لإضافة بضعة آلاف من الجنود إلى القوات الأميركية العاملة هناك خلال السنوات المقبلة.

*محللان سياسيان أميركيان

 «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»