رائد جبر- محمد صالح صدقيان

ازداد التوتر في البادية السورية بين «التحالف الدولي» بقيادة الولايات المتحدة من ناحية وإيران والقوات النظامية السورية وحلفائها من ناحية أخرى أمس، بعد إعلان «التحالف الدولي» إسقاط طائرة من دون طيار إيرانية الصنع كانت تحاول التحليق فوق موقع عسكري قريب من الحدود مع العراق. وهذه هي المرة الثالثة خلال 20 يوماً يسقط فيها «التحالف» طائرة تتبع أو تدعم القوات النظامية السورية.

وكان لافتاً أن بيان وزارة الدفاع الأميركية حول إسقاط الطائرة اتخذ موقفاً مهادناً إزاء روسيا قائلاً: «لا نرى أي عمل روسي في سورية يثير قلق أميركا عسكرياً». واكتفى بإشارة غير مباشرة إلى قوات مدعومة من إيران تتجمع في صحراء شرق سورية، وقال إنه لن «يتسامح مع أي نيات أو أفعال معادية من جانب القوات الموالية لدمشق». وتتواجه الولايات المتحدة وإيران وروسيا في البادية السورية.

واستأنفت القوات النظامية والميليشيات المساندة لها عملياتها في بادية دمشق، بعد توقف استمر أياماً، إذ تحاول التقدم إلى منطقة بئر القصب في ريف دمشق الشرقي بغطاء جوي روسي. وسيطرت القوات النظامية على منطقة العليانية والكتيبة المهجورة، بعدما تقدمت في اتجاه معبر التنف الحدودي ومحاولتها محاصرة «الجيش الحر» في منطقة بئر القصب، ما دعا الأخير إلى بدء هجوم مضاد.

وتدور المواجهات في ريف السويداء الشرقي وريف دمشق الشرقي، وصولاً إلى طريق دمشق- بغداد الدولي، الذي تحاول فصائل المعارضة بسط سيطرتها عليه. وفي حال السيطرة على منطقة بئر القصب، تؤمن القوات النظامية محطة تشرين الحرارية في شكل كامل، وتنقل معاركها إلى عمق البادية السورية.

وتحظى المعركة باهتمام بالغ من إيران، التي تحاول المساعدة في فتح خط بغداد- دمشق.

وأعرب الكرملين عن «قلقه البالغ» من التطورات في سورية، وصعدت أوساط سياسية وبرلمانية روسية من لهجتها وتحدثت عن «حق الحكومة السورية في الرد على العداون الأميركي». ولوح «الحرس الثوري» الإيراني بتأسيس طهران مرحلة جديدة من الصراع داخل سورية، قائلاً على لسان مستشار قائد «الحرس الثوري» للشؤون السياسية حميد رضا مقدم، إن إيران «دخلت عملياً ساحة الصراع». فيما عبر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن أمله بوقف التصعيد بين أميركا وروسيا في الأجواء السورية قائلاً: «أتمنى بشدة أن يكون هناك عدم تصعيد في الوضع، لأن مثل هذا النوع من الحوادث يمكن أن ينطوي على خطورة بالغة في صراع يضم مثل هذا العدد الكبير من الأطراف، والذي يكون فيه الوضع معقداً جداً على الأرض». وحذر من «عواقب خطيرة جداً».

وحذر الجيش الأميركي مراراً القوات النظامية وحلفاءها من الاقتراب من «منطقة عدم الاشتباك» التي تم الاتفاق عليها مع روسيا قرب ثكنة تستخدمها قوات أميركية خاصة وقوات تدعمها الولايات المتحدة حول التنف.

وأفادت القوات الأميركية بأن مقاتلة من طراز «أف 15» هي التي أسقطت الدرون الإيرانية الصنع وأن ذلك حدث بعدما «أظهرت نية معادية وتقدمت صوب قوات التحالف».

وجاء في البيان أن الموقع قريب من موقع إسقاط طائرة من دون طيار أخرى في الثامن من حزيران (يونيو) الجاري. وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن عناصر من فصيل «مغاوير الثورة» المدعوم أميركياً هو من أسقط الطائرة من دون طيار التي كانت تحلق فوق منطقة الزكف في البادية السورية، حيث معسكر تدريب لفصائل المعارضة يشرف عليه «التحالف». وقالت مصادر لـ «المرصد السوري» إن «مغاوير الثورة استهدفوا بالمضادات الأرضية الطائرة وهي من طراز «شاهد 129»، عند الساعة الواحدة من بعد منتصف ليل الاثنين– الثلثاء، ما تسبب في سقوطها فوق مناطق سيطرة الفصائل»، موضحةً أنه تم استهدافها بعد إلقاء الطائرة قنبلة على المعسكر لم تنفجر. كما أعلن «التحالف» مقتل «مفتي داعش» تركي البنعلي في غارة أميركية في سورية في 31 أيار (مايو) الماضي. وظهر البنعلي في أشرطة دعاية عدة للتنظيم لتجنيد عناصر أجنبية.

وفي موسكو، قال الناطق باسم الكرملين ديميتري بيسكوف أمس، إن «الوضع المتعلق بخطوات التحالف (في سورية) يثير قلقاً كبيراً للغاية». وتجنب بيسكوف الرد على سؤال حول إمكان وقوع مواجهة مباشرة بين عسكريين روس وأميركيين بعد تصريحات وزارة الدفاع الروسية حول عزم الدفاعات الجوية الروسية على «التعامل» مع طائرات «التحالف الدولي» إذا حلقت غرب نهر الفرات في المناطق السورية التي يعمل فيها الطيران الروسي. وقال بيسكوف إنه «لا يعلق على تصريحات المستوى العسكري». وذهبت وسائل إعلام رسمية إلى وضع سيناريوات «لحرب محتملة بالوكالة» من خلال قيام موسكو بزيادة الدعم العسكري للقوات النظامية وتعزيز قدراتها على مواجهة هجمات أميركية مستقبلاً. ولفتت إلى أن هذا الموقف وعلى رغم أنه لم يعلن على المستوى الرسمي، لكنه يحظى بدعم واسع في البرلمان الروسي.