شملان يوسف العيسى

 يواصل الجيش العراقي حربه القوية والمعقدة ضد فلول «داعش» الإرهابية في الموصل، وسوف يتم تحرير المدينة قريباً جداً، لكن ذلك لا يعني أنه قد تم القضاء على ظاهرة «داعش» الإرهابية في العراق وبلاد الشام. هذا الموضوع الحيوي مطروح اليوم في الصحافة ووسائل الإعلام المختلفة، لكن ما يهمنا هنا هو السؤال: هل نحن في الخليج نسير في اتجاه اقتلاع جذور التطرف والإرهاب في مجتمعاتنا الخليجية بعيداً عن المنظور الأمني؟

قمة الرياض التي عقدت في العاصمة السعودية مؤخراً، وحضرها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، خرجت بعدة توصيات خاصة بالإرهاب. والسؤال الآن: ما الخطوات التي تم اتخاذها بالفعل لتحقيق الهدف المطلوب؟ وسنكون أكثر وضوحاً ونتساءل: هل راجعنا مناهجنا التربوية الدينية؟

المتخصصون يرون أن المناهج مسؤولة عن ظاهرة التطرف والإرهاب الديني في مجتمعاتنا العربية الإسلامية، فالمناهج والمدارس ودور تحفيظ القرآن ذات الاتجاه المتطرف لها صلة بشكل مباشر أو غير مباشر بالتطرف، لأن بعض المناهج الدينية تحمل نصوصاً متشددة عن الإسلام وهجوماً شديداً وشرساً على الغرب. لذلك فإنه كثيراً ما تؤدي هذه النصوص إلى تحويل بعض الشباب العرب والمسلمين إلى متشددين ومتطرفين دينياً، وهذا ما يتناقض مع تعاليم ديننا الحنيف الذي ينادي بالسلام والتسامح والتآخي وعدم سفك دماء الأبرياء واحترام الحرمات.

المناهج الدينية في بعض دول الخليج مصوغة بلغة قديمة متعصبة لا تتماشى مع واقع حياتنا حالياً، وغير ملائمة للتعليم العام في عالمنا المعاصر، إذ فيها تحريض مباشر لكراهية الغرب الحليف الرئيس لدولنا الخليجية. هذا التطرف في المناهج أدى إلى نشوء بعض الجماعات الدينية المتطرفة في بعض الدول، وما نتج عن ذلك من تفجيرات متتالية في بعض مدنها وفي مدن دول أخرى.

تغيير المناهج وتعديلها ينبغي أن ترافقه حملات وطنية وحوارات مفتوحة عبر وسائل الاتصال المختلفة، بين دعاة إصلاح التعليم الديني من الأكاديميين والمثقفين المنادين بحلول شاملة للمشاكل المتراكمة في دول الخليج العربية.

هل يعقل أن نرى في مناهجنا لغة التطرف والمغالاة ضد المرأة وضد الانفتاح على الآخرين، ودعواتٍ للجهاد وأحاديثَ عن الشهادة في سبيل الله وعن محاربة المخالفين لتعاليم الدين الإسلامي؟

الخطاب الديني بوضعه الحالي في مناهجنا الخليجية لا يستطيع استيعاب المتغيرات في المحيط العربي والدولي، ذلك أنه لا يحث الطلاب على تبني روح العصر وعلى الاهتمام بالعلم الحديث، كما لا يبين كيف يمكن للإنسان المسلم منافسة الآخرين في كل المجالات العلمية والأدبية دون أن يكرهه أو يكفِّره!

لذلك فالسؤال هو: من يستطيع تعليق الجرس وحث رجال الدين والمدرِّسين المستفيدين من الأوضاع الحالية على تغيير المناهج لتحقيق المصلحة العامة وإبعاد بلداننا عن عقلية الجمود والتشدد والمغالاة في الدين؟ هذا أمر قد يكون صعباً الآن، لكن إذا وجدت إرادة التغيير وتوفرت روح حريصة على مصالح الأوطان وحمايتها، يمكن التغلب على جميع الصعاب.