هيا عبد العزيز المنيع

من مظاهر التقدم في أي دولة وجود مصادر متنوعة للقوة, مثل القوة العسكرية والقوة الاقتصادية والقوة السياسية والقوة العلمية والثقافية والإعلامية.

بناء وتنوع مصادر القوة لأي دولة يعطي دلالة على توازن البرامج التنموية لأي دولة, حين تجد أكثر من ثلاثين جامعة حكومية وفي جانب آخر هناك ما يقارب عشر جامعات أهلية, غير الكليات العسكرية التي تخرجت فيها أغلب القيادات العسكرية السعودية والخليجية فأنت في دولة تبني الإنسان وتعده بقوة ومهنية ليكون شريكا في المشروع التنموي وشريكا في الرخاء والشدة..., وقد كشفت المواقف ثمار ذلك.

وتبقى القوة الناعمة لأي دولة من أهم معايير قياس إعداد المواطن للقيام بدوره للدفاع عن وطنه أو تبيان موقفه أو نشر ثقافته والتعريف به وبمكامن قوته... هي قوة تكوين الصورة للوطن والمواطن في الخارج.

في غير موقف وطني تبينت أهمية القوة الناعمة ولعل الأيام الماضية أكدت أهمية القوى الناعمة المهنية والناضجة في دعم مواقف الدولة.

ما تملكه السعودية من القوى الناعمة بات مشهودا له عند الجميع وخاصة في المنطقة العربية حيث وجود عدد من القنوات الفضائية القوية ووجود عدد من الكتاب المتميزين ووجود بعض الصحف ذات الحضور القوي بالإضافة لبعض المواقع الإلكترونية المهمة والتي تحظى بمتابعة عربية.

كل تلك الأدوات شكلت قوة مهمة في كثير من المواقف في الفترة الماضية أكدت أن بناء الإنسان المواطن يؤتي ثماره ففي الأيام الأخيرة قدمت تلك القوة الناعمة ممارسة مهنية للمواطنة ولم تكن جزءا من عمل مدفوع الراتب ومن هنا جاءت القوة.

فاعلية قوتنا الإعلامية وهي تمثل المحور الرئيس في قوتنا الناعمة تستدعي سؤالا آخر هل حان الوقت لبناء وتنويع القوى الناعمة بحيث تشكل حضورا فاعلا في غير مسار فالعلماء المميزون في مختلف المجالات يمثلون قوة ناعمة في كثير من المجتمعات المتقدمة, مثلا الطبيب المتميز أو عالم الاجتماع أو المهندس البارع أو الرسام الموهوب أو الفنان ذو الشعبية العالية أو إمام الحرمين أو فرقة مسرحية وغير ذلك تشكل مع غيرها رموزا مهمة في تفعيل القوى الناعمة لبناء صورة ذهنية إيجابية عن بلادنا بكل ثقلها السياسي والاقتصادي والديني.

وأيضا ضرورة تنشيط حضور الإعلام الرسمي وأقصد هنا المؤسسات الإعلامية التابعة لوزارة الإعلام السعودية (وإن كنا ننتظر تحويل الإخبارية لشركة لتتخلص من بيروقراطية العمل الحكومي....) ليكون حضورها أقوى خاصة في الإعلام الاجتماعي وتحديدا في حسابات تويتر...؟ ونقل الخبر وتحليله ومتابعته دون بطء.

من الأهمية أن يشكل الإعلام الحكومي جزءا فاعلا من القوة السعودية الناعمة, ومن ناحية أخرى لا بد أن يتم استثمار المميزين من المبدعين السعوديين والسعوديات في كافة المجالات لتكوين الصورة الذهنية الإيجابية عن الوطن وأهله خاصة ونحن نعيش مرحلة انتقالية لا بد أن يصاحبها أيضا إعادة لبناء الصورة الذهنية.. بحيث نبني قوتنا الناعمة بمهنية لا تتيح اختراقها لمن يبحث عن حضور خاص ويسيء للوطن ومواقفه... ولنا في الأيام الماضية نماذج واضحة.