سالم حميد

مثلت تصريحات وجولات سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي، نجاحاً وحضوراً متميزين للدبلوماسية الإماراتية في إدارة ملف أزمة دعم قطر للإرهاب. وكان موقف الإمارات سباقاً منذ سنوات في التحذير من العبث القطري بالأمن القومي الخليجي والعربي.

وعندما نعود إلى أرشيف الأحداث المتعلقة بميول قطر الرسمية الداعمة للإرهاب والتطرف، نجد أن الإمارات كانت أول دولة خليجية يستهدفها الإعلام الإخواني الذي تدعمه قطر، كما قامت العناصر الإرهابية التي تستضيفها الدوحة بالتطاول على الإمارات بتصريحات مستفزة ومغرضة، حاولت التدخل في شؤون أحكام القضاء الإماراتي الشامخ، ولم يتوقف نعيق رموز التطرف الذين تحتضنهم قطر منذ أن نجحت الإمارات في حماية مجتمعها من خلايا الإرهاب المرتبطة تنظيمياً وفكرياً بعصابة خارجية أدمنت تخريب السلم الأهلي للمجتمعات.

وتتجلى حكمة الموقف الدبلوماسي الإماراتي وثقته بمنطق الحفاظ على أمن شعوب المنطقة والدفاع عن مكتسباتها واستشراف مستقبل أجيالها، عندما نقرأ تصريح سمو الشيخ عبدالله بن زايد معلقاً على جوهر الأزمة التي تسببت بها قطر قائلاً إن «الأزمة لا تقتصر على مواجهة الإرهاب، إذ لمواجهة الإرهاب لا بد من التصدي لخطاب الكراهية، ووقف تمويل الإرهابيين وإيوائهم، فالشقيقة قطر سمحت وآوت وحرضت على الإرهاب، لذا نقول لها: كفى يا قطر دعماً للإرهاب، وكفى أن تكون الدوحة حاضنة للإرهابيين».

وفي هذه الرؤية الشاملة التي تنظر إلى الإرهاب بوصفه ثمرة سيئة لخطاب الكراهية، يتسق الموقف الإماراتي دائماً مع النهج القائم في مجتمع الإمارات، والمعزز بمنظومة تشريعية تحمي أسس التسامح والتعايش والإيجابية التي تشجع على النهوض والعطاء، بدلاً من السلبية والتقوقع في أيديولوجيا الكراهية والفوضى، وبدلاً من إفراغ الخطاب الديني من مضمونه الروحي والأخلاقي وتحويله إلى أداة غايتها الهدم والتخريب.

ومما أكد عليه سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان في المؤتمر الصحفي المشترك مع نظرائه وزراء خارجية السعودية ومصر والبحرين، أن هدف كل دولة في العالم هو أن توفر لشعبها أفضل فرص الحياة والازدهار والاستقرار والأمان، معرباً عن أسفه لانتهاج الدوحة -في العقدين الماضيين -نهج الدمار والفوضى. وتساءل سموه: لماذا تريد قطر هذه الفوضى والتخريب والتدمير ولا تسعد برسم الابتسامة على وجوه البشر؟ مع الأسف أثبتت قطر في العقدين الماضيين أن هوايتها هي رسم الحزن على وجوه البشر وإن ساد الخراب.

ومن تصريحات سموه يتضح الفرق بين الخطاب القطري المنحاز بعناد للتطرف على حساب القطريين، وبين الخطاب الدبلوماسي الإماراتي الحريص على جعل الدولة وسياستها في خدمة الشعب واستقراره وازدهاره.

وتأتي المكاشفة الخليجية والعربية الجماعية لقطر ومواجهتها بالحقائق المرة والصادمة، لتؤكد صحة النهج الإماراتي المبكر الذي كان يدق ناقوس الخطر تجاه السلوك القطري الذي يتصف بالعبث والتوظيف غير المشروع للأموال الطائلة لدعم الإرهاب وإيواء ومساندة العناصر المتطرفة.

ونتيجة للشفافية والمصداقية التي تمتاز بها الدبلوماسية الإماراتية من خلال تسمية الأشياء بمسمياتها، فقد كان لحضور سمو الشيخ عبدالله بن زايد وتصريحاته تأثيراً يصيب المتطرفين ومن يدعمونهم باليأس والتوتر، وظلوا يتطاولون بين فترة وأخرى على ديناميكية الدبلوماسية الإماراتية، وكان صراخهم دائماً على قدر الألم الذي يشعرون به عندما يتم كشفهم ومواجهتهم بالحقائق التي يحاولون إخفاءها.

وفي إطار الوقفة الجماعية الجادة التي تهدف إلى وضع حد نهائي للعبث القطري بملف الإرهاب وجماعاته وأفراده، نجحت الدبلوماسية الإماراتية في جعل موقفها تجاه خطورة السلوك القطري يشكل دافعاً قوياً للموقف الخليجي والعربي للتمسك بالمطالب الجماعية من أجل الوصول إلى التزام قطري بالكف عن دعم وتمويل الإرهاب مالياً وإعلامياً ولوجستياً، وهذا التمسك الصارم بالسقف المشروع للمطالب الجماعية أوقع قطر في مأزق وأفشل مراوغاتها، رغم أن الدوحة راهنت على أن ردها السلبي على المطالب سوف يمر مرور الكرام!

ومن تحليلنا لمجمل تصريحات سمو الشيخ عبدالله بن زايد تجاه المأزق القطري، نلمح ثقة دينامو الدبلوماسية الإماراتية وإصراره على عدم التهاون تجاه مماطلة قطر وتهربها، ومهما واصلت الدوحة إدمانها تبني مواقف عدمية مراوغة وغير حصيفة، نعلم أن هذه هي خطتها لكسب الوقت ومحاولة الاستمرار في سياسة امتصاص الصدمة، لكننا نبشر الدوحة أن الصدمة سوف تستمر وتشتد إيلاماً كلما استمر العبث القطري والتهرب من مواجهة الحقائق المرة.