محمد الحمادي

نعرف مدى رفض المجتمعات الغربية للإرهاب بشكل خاص، وبشكل عام موقفها من العنف والتطرف بجميع أشكاله وأنواعه، فالمجتمعات الغربية مسالمة بشكل عام، وتعمل على احترام حقوق الإنسان وحريات الأفراد، لذا فإنها تحارب العنف وتنبذ كل من يمارسه وتكون صارمة معه دون تمييز إن كان ذلك العنف ضد أحد أفراده أو شخص غريب عن هذا المجتمع، أما موقف «بعض» الحكومات الغربية في الأزمة القطرية فقد جعل الشارع الخليجي والعربي يريد الإجابة عن سؤال واحد بشكل واضح وصريح وخصوصاً بعد قرار أربع دول عربية مقاطعة قطر بعد ثبوت إدانتها بالإرهاب وتمويلها لمجموعات إرهابية، والسؤال ما موقف الدول الغربية من هذه المقاطعة بعد مرور أكثر من شهر على سريانها؟ هل هذه الدول مع الدول التي أعلنت المقاطعة أم أنها مع قطر أم أنها تقف على الحياد في هذه الأزمة؟

فالمنطق يقول إن الغرب ضد أي دولة يثبت تورطها في الإرهاب، ويكون له موقف ضد أي دولة لا تحترم القوانين الدولية، وإيران مثال على ذلك وكوريا الشمالية ودول أخرى في آسيا وأفريقيا، أما الحالة القطرية فيبدو أن الغرب احتار فيها فلم يحدد موقفه بعد، وهذا ما نقل الحيرة إلى الشارع العربي والإسلامي الذي توقع أن يقف الغرب مباشرة مع الدول التي تحارب الإرهاب وتعمل على تجفيف منابعه.

عندما تعرضت الولايات المتحدة الأميركية لأسوأ جريمة إرهابية مع بداية هذه الألفية في 11/9 لم يتردد الرئيس الأميركي جورج بوش الابن في إرسال جيوشه إلى الدول التي ينطلق منها الإرهاب، والتي تدرب الإرهابيين، ومن خلالها يحصلون على الدعم المالي واللوجستي، بل وقام بإلقاء القبض على كل من يحتمل ارتباطه بالإرهاب، وكان شعاره الكبير لدول العالم «إما أن تكونوا معنا أو ضدنا»، فمحاربة الإرهاب لا مفاوضات فيها ولا صفقات.

واليوم يحل وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون في المنطقة ويبدأ جولته بالكويت الوسيط الوحيد في هذه الأزمة، وهذه الزيارة في غاية الأهمية، وتأتي في وقت تحاول فيه قطر بعثرة جميع الأوراق من خلال تحركاتها، وتصريحاتها يوم أمس وكل ما تقوم به قطر لا يلغي ثبوت اتهامها بالإرهاب وتورطها بتمويل جماعات إرهابية، وكل ما يجب أن يعرفه أصدقاؤنا الغربيون أن الخلاف مع قطر ليس على أي شيء مما تذكره من محاولة فرض وصاية أو نزع سيادتها أو تغيير النظام فيها، ولا حتى هو خلاف على حدود ولا مصالح اقتصادية، فالخلاف الحقيقي معها هو أنها تصر على نهج سياسة تضر بأمن واستقرار دول المنطقة من خلال تآمرها على دول المنطقة والإضرار بمصالحها، والأمر الآخر هو إصرارها على دعم الإرهاب وإيواء الإرهابيين في عاصمتها واستمرارها في تمويل الجماعات الإرهابية، فهذه هي المشكلة وليس الخلاف، ومن يستطيع أن ينهي هذه المشاكل ويجعل قطر تتوقف يكون قد ساعد قطر، وساعد المنطقة على إنهاء الأزمة، وهذا ما ننتظره من الوزير الزائر وجميع الوزراء الزائرين للأرض التي أعلنت الحرب على الإرهاب وطرد الإرهابيين، وتجفيف منابع تمويلهم، أما غير ذلك فيبدو مضيعة للوقت.. فهل تفاجئ قطر العالم بعودة صادقة إلى الصواب؟