منذ أن بدأت الأزمة الخليجية مع قطر، ومطالبة الدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب الدوحة الكف عن تمويل ودعم الإرهاب، والتوقف عن العبث في استقرار دول الخليج والمنطقة، والوفاء بتعهداتها والتزاماتها، حتى ظهر التناقض في تصريحات وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، ففي الوقت الذي وصف الرئيس الأميركي دونالد ترمب قطر بأنها «داعم تاريخي للإرهاب»، داعياً دول الخليج ودول الجوار لاتخاذ المزيد من الإجراءات لمكافحة الإرهاب، صدرت تصريحات متناقضة لوزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون اعتبر مواقف قطر من الأزمة الخليجية "كانت واضحة ومنطقية وعقلانية"، على حد قوله.

وتواصلت هذه التناقضات عندما حض تيلرسون، دول الخليج على الجلوس إلى طاولة المفاوضات وحل الخلافات التي بينها، قائلا إن الإجراءات الدبلوماسية الأخيرة التي وصلت إلى حد قطع السعودية والإمارات والبحرين ومصر لعلاقاتها مع الدوحة جاءت نتيجة لتفاقم تلك الخلافات، مشددا على أهمية «وحدة الخليج» بالنسبة لواشنطن.

وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، الذي كان يتحدث خلال مؤتمر صحافي في أستراليا، رد على سؤال حول التوترات السياسية في الخليج بالقول: «أظن، بناء على ما قرأته منذ بدء اتخاذ تلك الخطوات، أن ما نشهده هو عبارة عن لائحة طويلة من التوترات التي كانت موجودة في المنطقة منذ فترة».

من جانبه، اعتبر ألكسندر آكسيننوك، الخبير في مركز البحوث التابع لمجلس الشؤون الدولية الروسي أن الأزمة الدبلوماسية الحالية بين قطر، والدول العربية الأخرى، هي أول فشل فعلي في سياسات واشنطن بالمنطقة.

كما اعتبر عبد الرحمن الراشد الكاتب والمثقف السعودي المعروف عبر عموده اليومي في صحيفة «الشرق الأوسط»، أن التصريحات والإيحاءات، في كلمة وزير الخارجية الأميركي، في مؤتمره الصحافي بالدوحة لا تشجع على التفاؤل، بل تعكس تبسيطاً منه للمشكلة، حيث اختصر الحل بتوقيع مذكرة تعهدت فيها حكومة الدوحة بمحاربة الإرهاب. يا له من إنجاز!

وأضاف الراشد، أن القطريين حاولوا التلاعب به بتضييع أسباب الخلاف الحقيقية، بالاحتجاج على نقاط شكلية، مثل إفشاء أسرار التزاماتهم في اتفاق الرياض وملحقاته، لأنه أحرجهم بعد تسريبه لـ«سي إن إن»، الذي فضح أن كل ما كانت تقوله قطر في الإعلام الدولي يناقض التزاماتها السرية. طبعا قطر تلام لأنها التي بدأت حرب التسريبات عندما كشفت عن أسرار رسالة الحكومات الأربع في الوساطة الكويتية التي تضمنت الثلاثة عشر طلباً رغبة في إحراجها.

وما يجعل اجتماع جدة اليوم صعبا أن الوزير تيلرسون منذ بداية الأزمة بدا ميالا للجانب القطري. وزاد الشك أنه استعجل إطلاق الحكم عندما صرح بأن مطالب قطر معقولة، حتى قبل أن يسمع من الطرف الآخر، مما أثار الاستغراب! بإمكان وزير الخارجية أن يميل للموقف للقطري، إن شاء، لكن عليه أن يدرك أنه بذلك سيعقد المشكلة المعقدة أصلاً، وسيطيل في زمن الأزمة. فالدول الأربع متضررة دمويا، وماديا، وسياسيا، وإعلامياً من أفعال قطر ونشاطاتها، وقد حسمت دول الرباعية أمرها بشكل نهائي، خاصة بعد تطورات أخيرة اعتبرتها استهدافا مباشرا لأنظمة الحكم.

الوزير تيلرسون لا يستطيع أن يفرض المصالحة لكنه يقدر أن يقرب المسافة بينهم، وهم جميعاً حلفاؤه، بدل أن ينحاز إلى طرف واحد ضد آخر، وخاصة أن قطر الطرف الذي تعهد مرات ولَم يفِ.

وكانت الدول الداعية لمكافحة الإرهاب (الإمارات والسعودية والبحرين ومصر)، أكدت أن الحل في الأزمة الخليجية واضح وهو وقف الدوحة نشاطاتها بدعم الإرهاب، وأضافت أن «الإجراءات الحالية ضد قطر ستستمر حتى تنفيذها لكافة المطالب»، حيث إن هذه الإجراءات جاءت بسبب دعم الدوحة للإرهاب وتمويله.

وشددت الدول الأربع على أن «مطالبنا من قطر عادلة ومشروعة». وثمّنت جهود واشنطن في مكافحة الإرهاب وتمويله، مؤكدة أن «القمة الإسلامية - الأميركية شكلت موقفاً صارماً لمواجهة الإرهاب».