انهيار متوقع للنظام المالي حال استمرار الأزمة

خبراء: «العزلة» مصير محتوم ينتظر الاقتصاد القطري

 

أسهم التعنت القطري في التجاوب مع المطالب الخليجية، في زيادة مستوى التوقعات بأن أمد الأزمة سوف يدوم لوقت أطول، وهو ما يجعل من الدول المقاطعة أمام خيارات أوسع، وأقوى، من أجل حمل الدوحة على الالتزام بالمطالب التي أعلن عنها والتي تجاهلها النظام القطري. وتعتبر العزلة الاقتصادية «مصيراً محتوماً» ينتظر النظام القطري، وشبحاً يهدد النظام المالي الذي يعاني بالفعل انهياراً منذ بدء الأزمة.

وقالت شبكة «سي إن إن» إن من المتوقع أن تستمر أزمة قطر لوقت طويل، كما يمكن أن تزيد الدول المقاطعة الضغط عليها، إذ أكدت الدول الأربع وهي السعودية والإمارات والبحرين ومصر، في بيان مشترك، استمرار إجراءاتها الحالية إلى أن تلتزم السلطات القطرية بتنفيذ المطالب العادلة كاملة التي تضمن التصدي للإرهاب، وتحقيق الاستقرار والأمن في المنطقة.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: ما هي الإجراءات التي يمكن للدول الأربع اتخاذها الآن؟ قال فاروق سوسا، كبير الاقتصاديين في «سيتي بنك» في الشرق الأوسط: «ليس واضحاً على الإطلاق ما يمكن أن تفعله الدول العربية لزيادة الضغط على قطر. ونعتقد أن إضفاء طابع رسمي على مستوى عزلة قطر الحالية هو الخيار الأرجح». ويوضح سوسا ومحللون آخرون أن دول المقاطعة قد تحاول زيادة الضغط عبر محاولة إقناع شركاء قطر التجاريين العالميين بتخفيض علاقاتهم مع الدوحة.

معاناة القطاع المالي

من جهتها، قالت آمي ماكاليستر، الخبيرة الاقتصادية في منطقة الشرق الأوسط في «أكسفورد إكونوميكس»: «سيعاني القطاع المالي بعد ذلك من عدم رغبة البنوك الإقليمية في التعامل مع قطر، أو قد يختارون حتى سحب الودائع بالكامل». ويشعر المستثمرون بالقلق بالفعل، إذ انخفض مؤشر سوق الأوراق المالية في الدوحة بنسبة 10 % منذ قطع العلاقات في 5 يونيو/حزيران الماضي. ومن العقوبات الأخرى المحتملة هي سحب عضوية قطر من مجلس التعاون الخليجي، الذي تأسس في عام 1981 لتنسيق السياسات بين دول الخليج. ومن المفترض أن يكون مواطنو الدول الأعضاء قادرين على السفر والعمل بحرية في أي من الدول الأعضاء.

نزاع طويل قد يؤلم

وقال توربجورن سولتفدت، المحلل الرئيسي لشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في «مابلكروفت»، وهي شركة استشارية عالمية للمخاطر: «طرد قطر من مجلس التعاون الخليجي سيكون تصعيداً كبيراً، يُخاطر بدفع قطر إلى مدار إيران. كما أن ذلك سيتطلب دعم الكويت التي تحاول التوصل إلى حل للأزمة الراهنة». ولم تظهر قطر أي مؤشرات بالاستجابة إلى مطالب دول المقاطعة التي تشمل إغلاق شبكة الجزيرة التي تمولها الدولة، وخفض العلاقات الدبلوماسية مع إيران، ووقف بناء قاعدة عسكرية تركية في قطر.

كما يمكن للمقاطعة المطولة والتدابير الأكثر صرامة أن تتسبب بأضرار كبيرة، إذ قالت ديما جردانة، المديرة التنفيذية للبحوث الاقتصادية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في «ستاندرد تشارترد»: «قطر لديها القدرة على تخفيف واحتواء المخاطر الاقتصادية والمالية، شريطة ألا تتأثر صادراتها الهيدروكربونية بالأزمة. لكن تكاليف التشغيل والأعمال التجارية في قطر يمكن أن تصبح صعبة ومكلفة بشكل متزايد طالما استمرت العزلة».

 

معاناة متوقعة

وحذرت وكالة «موديز» للتصيف الائتماني من أن قطر ستُعاني من دون حل سريع للأزمة. وسيؤثر إغلاق المنافذ الجوية من قبل جيران قطر في السياحة وغيرها من صناعات الخدمات، ويضر بأرباح الخطوط الجوية القطرية، وغيرها من الشركات. وفي نهاية المطاف، يمكن أن تتعطل جهود الحكومة لتنويع الاقتصاد. وأضافت «موديز» في مذكرة الأسبوع الماضي: «ترى «موديز» أن احتمالية استمرار حالة من عدم اليقين لفترة طويلة تمتد إلى عام 2018 قد ازدادت، ومن غير المحتمل حل النزاع بسرعة خلال الأشهر القليلة القادمة، ما يحمل مخاطر تأثر أسس الائتمان السيادي في قطر سلباً».

ارتفاع التضخم

من جانب آخر، أظهرت بيانات رسمية أن الإجراءات التي فرضتها الأزمة أدت لارتفاع في معدل التضخم في يونيو/حزيران. وكان الأكثر تكلفة إغلاق الحدود البرية لقطر مع السعودية التي كانت تمر عبرها الكثير من واردات منتجات الألبان، ومواد البناء. وتركز التأثير الأكبر في أسعار الغذاء. وزادت تكلفة المشروبات والأغذية 2.4 في المئة على أساس سنوي و2.5 في المئة على أساس شهري في يونيو/حزيران، وكانت في اتجاه نزولي قبل ذلك حيث انخفضت 1.9 في المئة على أساس سنوي في مايو/أيار. وفي تقرير بشأن قطر نشر مؤخراً، قالت «هيومن رايتس ووتش» إن 70 عاملاً أجنبياً أجرت معهم مقابلات في أنحاء الدوحة شكوا جميعاً من زيادة أسعار الغذاء بسبب ارتفاع تكلفة الاستيراد نتيجة غلق الحدود البرية.

- See more at: http://www.alkhaleej.ae/alkhaleej/page/21e4fb75-e582-4f7d-aa42-6345a1850a01#sthash.CRt4aShc.dpuf