علي بن حمد الخشيبان

لقد كانت القمم الثلاث التي عقدت في الرياض تعبيرا صريحا عن علاقة تكاملية بين أميركا والسعودية يقدم فيها البلدان الجهود الجبارة للقضاء على الإرهاب..

عندما شنت القاعدة هجمات ارهابية داخل المملكة العربية السعودية خلال العقدين الأخيرين من القرن الماضي، بدا واضحا ان تلك المنظمة تستهدف السعودية منذ بداية انطلاق تأسيس القاعدة في أفغانستان بشكل رسمي في منتصف الثمانينيات الميلادية، وعملت السعودية خلال هذه الفترات على مواجهة المنظمة الإرهابية الأكثر دموية والتي نفذت عدداً من العمليات الإرهابية داخل السعودية أوقعت ضحايا بالمئات.

السلطات السعودية التي واجهت تلك العمليات الإرهابية بفاعلية بذلت جهودا كبيرة بهدف منع تكرار هذه العمليات، ولاحق الامن السعودي الإرهابيين في الداخل والخارج وتعاون بشكل مطلق من خلال أجهزته الأمنية مع جميع الدول المحاربة للإرهاب، ومنعت السعودية تدفق الأموال التي كانت تصل الى الإرهابيين، وعملت على حماية المجتمع عبر منظومة فكرية ركزت على تحقيق الامن الفكري والحد من الخطابات التي من الممكن ان تؤدي بمفهومها لدعم الإرهاب، وتمت مصادرة التشدد ومحاسبة مرتكبيه.

مع بداية القرن الجديد تتعرض الولايات المتحدة الاميركية للهجمات الإرهابية الأكثر عنفا في تاريخها فقد شكلت أحداث سبتمبر شيئا مروعا ليس لأميركا وحدها بل العالم كله، ومنذ تلك اللحظات بدا واضحا ان الإرهاب بقيادة القاعدة ينتشر في العالم بشكل معقد ومخيف يصعب التحكم في اتجاهاته المستقبلية، وكان هذا التوقع صحيحا فقد شهدت معظم دول العالم عمليات إرهابية استمرت حتى هذا اليوم.

ساهمت العملية الإرهابية الأكثر شهرة في العالم والتي حدثت في سبتمبر من العام 2001 في نشوء قواسم مشتركة بين حليفين استراتيجيين السعودية والولايات المتحدة الاميركية، هذه القواسم تتجاوز في طبيعتها المصالح التقليدية فقد شكل الحرب على الإرهاب مدعاة سياسية فاعلة لبناء تحالفات اكثر عمقا بين الأصدقاء والفاعلين في محاربة الإرهاب.

التجربة السعودية خلال العقود الأخيرة من القرن الماضي في الحرب على الإرهاب في جوانبه الأمنية والفكرية والاستراتيجية، شكلت مصدرا مهما لبناء تحالف اكثر صلابة بين الولايات المتحدة الاميركية وبين السعودية ذات التجارب الناجحة في محاربة الإرهاب، وخاصة ان التعاون السعودي الأميركي في محاربة الإرهاب شكل منعطفا مهما في بناء تحالفات إقليمية ودولية هدفها فقط محاربة الإرهاب وتجفيف منابعة.

شعرت الولايات المتحدة الأمريكية ومنذ وقت مبكر ان السعودية شريكها الاستراتيجي في الحرب على الإرهاب، وقد ورد ذلك في كلمات جميع رؤساء أمريكا خلال العقود الماضية، لقد وجدت أميركا أن السعودية تتميز بمرونتها العالية في تبادل المعلومات الاستخباراتية مع حلفائها في الحرب على الإرهاب، وقد ساهمت المعلومات التي نقلتها السعودية الى أميركا تحديدا في منع وقوع عمليات إرهابية خطيرة في أميركا، لذلك وجدت أميركا ان النفوذ السياسي والمكانة العربية والإسلامية التي تتمتع بها السعودية تشكل عاملا مهما في شراكتها للحرب على الإرهاب، لذلك بنت السعودية واميركا مسارا استراتيجيا في محاربة الإرهاب تمثل في انضمام السعودية الى كل المعاهدات والتحلفات الدولية التي تقودها أميركا لحرب الارهاب.

تاريخ السعودية في الحرب على ظاهرة الإرهاب ونجاحاتها الاستراتيجية جعلت من الرئيس ترمب أن يختارها لتكون المنطلق الذي يشرح من خلاله الرئيس ترمب سياسات أميركا للقضاء على المنظمات الارهابية، لقد كانت القمم الثلاث التي عقدت في الرياض تعبيرا صريحا عن علاقة تكاملية بين أميركا والسعودية يقدم فيها البلدان الجهود الجبارة للقضاء على الإرهاب.

القاسم المشترك بين هذين البلدين يتجاوز في مضمونة كل التقاطعات والاختلافات في وجهات النظر الطارئة، فالحرب على الإرهاب يقع ضمن قيم مشتركة وأساسية تؤمن بها القيادات السياسية في هذين البلدين، فالسعودية وبقيمها السياسية لن تتوقف عن دعم محاربة الإرهاب سياسيا وعسكريا واقتصاديا، كما أن أميركا تدرك انها لن تجد شريكا موثوقا في هذا الجانب كالسعودية ذات القيم الراسخة والمستقرة.