فاتح عبد السلام

اللجوء الى تعدد التشكيلات العسكرية في العراق ، جعل الجيش العراقي عنواناً فرعياً صغيراً بين عناوين كثيرة . بلا شك ان هناك اعتقادا بأن قيام التشكيلات الاخرى هو لتعويض الضعف الموجود في بنية الجيش العراقي كمؤسسة قديمة تعد من اقدم المؤسسات العسكرية في البلدان العربية قاطبة . تداخل المراحل وتناقضها وحرق بعضها بعضاً وبروز اجندات انتهاز الفرص لفرض الامر الواقع جعل الجميع يتسابق لتشكيل كياناته العسكرية التي تحمل اية تسمية تخطر على بالك إلا تسمية الجيش العراقي ، تلك التسمية المنزوية التي تكاد تنسى مع الايام اذا ازداد نفوذ التشكيلات الاخرى .

في النهاية البلد يحتاج الى عنوان واحد جامع مانع هو الجيش ، ومن لا يثق بوجود جيش وطني في بلاده انما لايثق حتماً بوجود وطن اصلاً ، وان الوطن لديه مساحة تكتيكية لتحركات انشطته العسكرية والسياسية وأغلبها مستورد.

الآن الموجات عالية والصرخات تعلو تهبط مع انفاس أمريكا وايران وتركيا ، لكن سيأتي اليوم الذي ستنكمش كل التشكيلات الظرفية حتى لو اسسها الامريكان انفسهم لتعود الى حاضنة الجيش العراقي ، ذلك الجيش الذي كان يضم كل الصنوف ، وما قوات مكافحة الارهاب البطلة إلا تسمية تنطبق بدرجة عالية على عنوان القوات الخاصة العراقية مع الفارق التكنولوجي الذي أضيف لاحقاً .

لنتخيل ، مجرد خيال ، ان الجهات الداعمة لكل التصنيفات والتشكيلات العسكرية سحبت يدها منها ، وبقيت عناوين تنتمي رسمياً للدولة العراقية من دون روح ، فأين تتجه إن لم يكن الجيش العراقي هو العنوان الاكبر القادر على استيعاب الجميع .

لكن هذا الجيش يجب أن يكون جيش كل العراقيين حقاً ، ليس في الازمات الخارجية كمواجهة داعش الآن ، ولكن في كل الاوقات ، ويجب ان تحدد قوانين جديدة سلطات الجيش وصلاحياته واتجاهات فوهات مدافعه وبنادقه ،لكي لا تقع في خطيئة الصراع السياسي وسواه من صراعات مفتعلة لها اسواق عامرة في العراق اليوم .

من حق العراق ، كدولة مستقلة ذات سيادة ، أن يتفاهم مع الحلفاء والاصدقاء لقيام هذا البناء العسكري الكبيرالذي عنوانه الجيش العراقي وليس شيئاً آخر. أما اذا لم يستجب العالم لهذا المطلب ، واذا كانت الارادة السياسية الحاكمة في العراق عاجزة عن تنفيذ هذا المطلب الوطني الاساس فإن البلد لا يحتاج عندذاك الى سيادة ورقية او حتى قطعة قماش اسمها العلم .