مناور بيان الراجحي

عزيزي القارئ، أعلم تماماً بأن عنوان المقال هو من شدك لأنه يحمل اسم أعز الأحباب لديك، سواء كنت مواطناً أو مقيماً، وهناك الكثير من الدلالات على ذلك، قد لا نجد مجالا لذكرها بين هذه السطور. فموضوع المقال بالغ الأهمية، فمحيطنا من كل الجهات مضطرب ومخيف جداً، فماذا عليك أن تعمل؟ تخيل مع أنك تدعو اثنين من الأصدقاء يقف كل منهما بعكس اتجاه الآخر، وأنت تقف في الوسط وتمسك ورقة، وتكتب عليها بخط واضح وكبير الرقم (7)، ثم تقلب الورقة وأنت تلتف للشخص الآخر وتريه أنك كتبت (8)، بالطبع سيخبرك الشخص الأول أنه يرى (7)، بينما سيؤكد الآخر بل ويقسم أن الرقم (8)، وهنا تبدأ المشكلات والاختلافات ويبرز الصراع...

دعنا الآن نرى التجربة بشكل أوضح، هذه الورقة البيضاء ناصعة البياض، هي خليجنا البيت الطيب المليء بالخيرات، وللعلم فان أي شيء يمس هذا البيت ويجرحه ويؤثر في صورته ليس سوى نتيجة أفعالنا نحن. وصديقاك لو تنازل أحدهما وجاء بجوار الآخر لرأى الصورة واضحة وصحيحة من جانبه، وهي صحيحة أيضاً بالعكس، وما يزيد الطين بلة أن تكون الرؤية ضبابية لدى أحد الصديقين، ويخبرك أن هذا ليس رقماً أو أنه لا توجد كتابة من الأساس، فيزيد الوضع تعقيداً، ويستمر كل طرف في تحديه وإصراره حتى تتمزق الورقة (البيت الخليجي)، وتتمزق صورته الجميلة.

الحل ليس له سوى سبيل واحد يتمثل في تفهم كل واحد منها وجهة نظر الآخر، وهذا يتطلب شجاعة وحواراً ونقاشاً وجلوساً على طاولة واحدة، وتقبل الصلح لا يعد تنازلاً عن المبادئ، بل يعد نبلاً وبحثاً عن المصلحة العامة لأهل الخليج جميعا، فالفرسان هم الذين يضحون من أجل الوطن وليس من يضحي بالوطن، أو من يزايد من الأخوة الإعلاميين في توسيع القطيعة وينفخ على النار لتزداد لهيبا باحثا عن مجد لا أراه ولا يراه كل خليجي مخلص سوى سرابا آثما.

إن الشعب الخليجي ينعم بالأمن والأمان، وهي من أكبر نعم الله علينا، فهل نحافظ عليها ونصونها بالوحدة والتكاتف، أم نكون مغيبين نتبع خطوات من يسير بنا للفرقة والصراع، فلا نتعظ بما يدور حولنا، ونصبح كالبلهاء نرى الآخرين يسقطون في البئر الواحدة تلو الآخر، ونحاول اللحاق بهم ولا نجني في النهاية سوى خيبة الأمل والندامة؟

إن الشعب الخليجي يريد من الجانبين أن يتفهم كل منهما طبيعة المرحلة الحرجة والموقف الحساس، وأن تكون مصلحة مواطنيهم هي الأساس. ينبغي أن ندرك الآن أننا أمام اختيار صعب، فإما أن نختار دخول الكهف المظلم من الفرقة والتشتت والصراع، وإما أن نختار الوحدة ضامناً لمستقبلنا ومستقبل أولادنا. إنني لا أبالغ حين أقول اننا في مفترق طرق، فقد علمتنا الأحداث المحيطة بنا أن النار تولد من مستصغر الشرر، والآن أرى أن الشرر بدأ يتطاير.

عزيزي القارئ: أريدك أن تكون مشاركاً، أريد سماع صوتك، أريدك أن تقف في المكان الصحيح، أريدك أن تبارك في مساعي «صباحنا»، فقائد الإنسانية للإنسانية جمعاء، وأن تكون أيديك مرتفعة للعزيز القدير داعيا إياه أن يلم الشمل ويعزز أسس البيت الخليجي، ويحقق مساعي صباح الكويت الذي يريد للجسد الخليجي أن يكون كالبنيان المرصوص، يحسب أموره وفق المعطيات وليس وفق الخلافات.

نعم يا صاحب السمو نحن «جميع الشعب الخليجي» معك في مسعاك، فالخبرة والحنكة والحكمة التي تتمتع بها كفيلة بلم البيت الخليجي تحت بشتك بعون الله. إننا في الكويت نفخر ونعتز بأن يكون لنا شرف تطبيب الجرح الخليجي ومداواته، وأن تكون الكويت أرض الصلح، وأن يكون أميرنا أمير الوفاق الخليجي.