سعيد السريحي

بين المملكة وتركيا توافق يهيئ لتحقيق تعاون مشترك يمكن كلا البلدين من رعاية المصالح المشتركة بينهما ويمكن كليهما من مواجهة الأخطار والتحديات التي تهدد المنطقة، غير أن بين البلدين خلافا يجعل من إمكانية قيام هذا التعاون المشترك موضع شك، وتوحيد قواهما على مواجهة التحديات موضع ريبة، وإذا كان ذلك مما يصدق على كثير من الأصعدة التي على رأسها مكافحة الإرهاب ومقاومة التمدد والتدخل الإيراني في شؤون المنطقة فإن تلك الريبة في التعاون والشك في إمكانية التفاهم تبلغ غايتها حين تتصل بالمسألة القطرية، وهي ريبة تتأسس على تساؤل عما إذا كانت تركيا قادرة على أن تلعب دور الوسيط لحل الخلاف مع قطر إذا ما كانت هي نفسها تركيا التي باتت تشكل جزءا من المشكلة مذ أعلنت مبكرا موقفها المنحاز إلى قطر، ودعمت هذا الموقف بما أنشأته من قاعدة عسكرية في قطر وبإرسال جنودها إلى تلك القاعدة، وهو الأمر الذي عزز من التعنت القطري ودفع الدوحة إلى مزيد من الانعزال عن محيطها العربي الخليجي والاعتماد على حليفها التركي اعتمادا كاملا والتلويح بإيران كحليف آخر كذلك.

ولذلك كله فإن نجاح ما يعتزم الرئيس التركي القيام به من وساطة بين قطر والدول المقاطعة لها، وعلى رأسها المملكة، خلال محادثاته مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان عند زيارته للمملكة مطلع الأسبوع المقبل يظل مرهونا باستعداد تركيا للتخلي عن موقفها المنحاز لقطر والتراجع عن دعمها السياسي والعسكري لها، فإذا تمكنت من ذلك فإن بإمكانها أن تنجح في القيام بالوساطة انطلاقا من ثقلها السياسي ومقدرتها على الضغط على قطر للتراجع عن تعنتها وحسبها في ذلك إشعار قطر ألاّ تعول عليها في استقوائها على محيطها الخليجي والعربي، وألاّ ترتمي في حضن إيران التي لا تشكل سياساتها خطرا على الدول العربية فحسب، بل على تركيا كذلك.