عطية ابو زيد

التخصص‭ ‬أهم‭ ‬مفاتيح‭ ‬التقدم‭.‬ 

كان‭ ‬الطبيب‭ ‬حتي‭ ‬أواسط‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬يطلق‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬مصر‭ ‬الحكيم،‭ ‬وكان‭ ‬يعالج‭ ‬كل‭ ‬أمراض‭ ‬الدنيا‭ ‬بداية‭ ‬من‭ ‬نزلات‭ ‬البرد‭ ‬حتي‭ ‬أخطر‭ ‬الأمراض،‭ ‬لا‭ ‬أتحدث‭ ‬هنا‭ ‬عن‭ ‬نجاح‭ ‬العلاج،‭ ‬ولكن‭ ‬أتحدث‭ ‬عن‭ ‬غياب‭ ‬التخصص‭ ‬حتي‭ ‬تلك‭ ‬الأيام‭.‬ وكانت‭ ‬كليات‭ ‬الطب‭ ‬لا‭ ‬تذخر‭ ‬بالأقسام‭ ‬التي‭ ‬نسمع‭ ‬عنها‭ ‬الآن‭.‬ ومع‭ ‬التقدم‭ ‬العلمي‭ ‬وانتشار‭ ‬نظرية‭ ‬التجربة‭ ‬والخطأ،‭ ‬ظهرت‭ ‬تخصصات‭ ‬طبية‭ ‬حديثة‭ ‬ودقيقة‭ ‬جدا‭ ‬مثل‭ ‬المخ‭ ‬والأعصاب‭ ‬وحتي‭ ‬الأوعية‭ ‬الدموية‭ ‬الطرفية‭ ‬إلي‭ ‬آخره‭ ‬من‭ ‬تخصصات‭ ‬غاية‭ ‬في‭ ‬الدقة‭.‬ هذا‭ ‬ماحدث‭ ‬في‭ ‬الطب‭ ‬وكذلك‭ ‬الهندسة‭ ‬وعلوم‭ ‬الفضاء‭ ‬وكل‭ ‬العلوم‭ ‬التي‭ ‬تعتمد‭ ‬علي‭ ‬التجارب‭ ‬المعملية‭.‬ 

ورغم‭ ‬كل‭ ‬هذا،‭ ‬لم‭ ‬يطل‭ ‬التطور‭ ‬والتخصص‭ ‬رجل‭ ‬الدين‭ ‬الذي‭ ‬يعتلي‭ ‬المنابر‭ ‬كل‭ ‬جمعة‭ ‬ليرسل‭ ‬خطابه‭ ‬الديني‭ ‬إلي‭ ‬المصليين‭ ‬علي‭ ‬اختلاف‭ ‬مستواهم‭ ‬التعليمي‭ ‬والثقافي‭.‬ فيتحدث‭ ‬في‭ ‬التفسير‭ ‬وعلوم‭ ‬الحديث‭ ‬والفقه‭ ‬المقارن‭ ‬إلي‭ ‬آخره،‭ ‬ويفتي‭ ‬أحيانا‭ ‬في‭ ‬أمور‭ ‬شائكة‭.‬ ويصاحب‭ ‬هذا‭ ‬لغط‭ ‬لعدم‭ ‬تخصص‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬هؤلاء‭ ‬الأئمة‭ ‬المعينين‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬وزارة‭ ‬الأوقاف‭.‬ 

فلماذا‭ ‬لا‭ ‬نؤمن‭ ‬بالتخصص‭ ‬في‭ ‬أمور‭ ‬ديننا؟‭.‬ فهناك‭ ‬علم‭ ‬للحديث‭ ‬والفقه‭ ‬والفقه‭ ‬المقارن‭ ‬وتفسير‭ ــ ‬إلخ‭..‬ تعالوا‭ ‬نتفق‭ ‬علي‭ ‬أن‭ ‬أولى ‬خطوات‭ ‬تجديد‭ ‬الخطاب‭ ‬الديني‭ ‬هو‭ ‬الإيمان‭ ‬بالتخصص‭ ‬وأن‭ ‬يقتصر‭ ‬دور‭ ‬هؤلاء‭ ‬الخطباء‭ ‬علي‭ ‬كيفية‭ ‬تحويل‭ ‬الدين‭ ‬الإسلامي‭ ‬إلي‭ ‬سلوك‭ ‬في‭ ‬حياتنا‭ ‬اليومية،‭ ‬وأن‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬جهة‭ ‬واحدة‭ ‬للفتوي‭ ‬هي‭ ‬دار‭ ‬الإفتاء‭.‬ علنا‭ ‬نرحم‭ ‬من‭ ‬الفتاوي‭ ‬السياسية‭ المتسربلة بالدين ‬التي‭ ‬يبثها‭ ‬بعض‭ ‬مشايخ‭ ‬الفتن خاصة من الفضائيات وشبكات التواصل ‭.‬