عماد المكاري، وكالات (أبوظبي، واشنطن)

انتقدت اللجنة الفرعية للعلاقات الخارجية في الكونجرس الأميركي أمس سياسات قطر الداعمة للإرهاب، وذلك خلال جلسة شهدت مطالبة عدد من النواب، الدوحة بتعديل سلوكها، وإلا مواجهة احتمال إغلاق قاعدة «العديد» العسكرية. وأكدت رئيسة اللجنة الفرعية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إليانا روس ليتينن أن قطر متورطة بدعم الإرهاب، وهذا الموضوع ليس جديداً، لافتة إلى أن المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة حاولتا ثنيها عن هذه الممارسات منذ فترة طويلة.

واتهمت ليتينن قطر بتقديم الدعم المالي العلني للعقل المدبر لهجمات 11 سبتمبر خالد شيخ محمد، وأيضاً إلى خليفة محمد المدرج على قوائم الإرهاب في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة لدوره في تمويل «القاعدة»، إضافة إلى تمويل منظمات مدرجة على قائمة الإرهاب الأميركية ومجاميع متطرفة تنشط في سوريا. وقالت «عرف عن قطر، أنها بيئة متسامحة مع تمويل الإرهاب، والسعودية والإمارات حاولتا لفترة طويلة من الزمن محاولة إيقاف تصرفات قطر فيما يخص تمويل الإرهاب».

وقالت ليتينن في بيان أمام جلسة استماع اللجنة الفرعية بعنوان «تقييم العلاقة الأميركية - القطرية» «في الشهر الماضي، عقدت اللجنة الفرعية جلسة استماع حول التحديات والفرص المتاحة للعلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية. واليوم نركز على العلاقة بين الولايات المتحدة وقطر، وعلاقة قطر مع جيرانها. وأعتقد أنه من المهم أن نلاحظ أن هذا الخلاف في الخليج ليس جديداً (في إشارة إلى مقاطعة السعودية والإمارات والبحرين ومصر، دولة قطر بسبب دعمها الإرهاب). وقد قالت كاثرين باور، المسؤولة السابقة رفيعة المستوى في وزارة الخزانة في وقت سابق من هذا الشهر في إحدى الفعاليات إن السعودية والإمارات منذ سنوات تسعيان إلى تحفيز قطر ضد الممولين الإرهابيين الذين يعملون داخل أراضيها».

وأضافت «من المعروف أن دولة قطر هي بيئة متسامحة لتمويل الإرهاب، حيث تفيد التقارير أنها تمول منظمات إرهابية أجنبية معينة، مثل حماس، فضلًا عن العديد من الجماعات المتطرفة العاملة في سوريا. ففي عام 2014، دعا نائب مدير وكالة المخابرات المركزية السابق ديفيد كوهين قطر علنا، لمواجهة المتطرفين. في الواقع، هناك قادة حماس، وقادة طالبان، وأفراد تمت معاقبتهم من قبل وزارة الخزانة الأميركية، وقد أخفقت السلطات القطرية في ملاحقتهم».

وتابعت ليتينن في تقريرها «إن مسؤولًا قطرياً رفيع المستوى على الأقل قدم الدعم إلى مدبر هجمات 11 سبتمبر الإرهابية خالد الشيخ محمد. وهناك خليفة محمد الإرهابي الدولي المطلوب من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، لدوره في تمويل القاعدة. ففي عام 2008، حوكم وأدين غيابيا من قبل البحرين لنشاطه الإرهابي، واعتقل في وقت لاحق من ذلك العام من قبل قطر، إلا أن الإفراج عنه تم بعد ستة أشهر. هل يمكن لأي شخص أن يخمن ما كان خليفة محمد يفعل حتى هذه الأيام؟. كان متورطاً في أنشطة تمويل الإرهاب في عام 2012، ولكن في الآونة الأخيرة، يعتقد أنه يمول ويدعم الإرهاب في كل من العراق وسوريا، دون أي رد من الحكومة القطرية. كما يتلقى خالد مشعل زعيم حماس دعماً من الحكومة القطرية، وكذلك جماعة الإخوان التي تتلقى دعماً كبيراً من قطر».

وأضافت «بطبيعة الحال، ليس كل هذا بدعم من الحكومة في الدوحة. من المعروف أن العديد من الأفراد والجمعيات الخيرية في قطر يقدمون مبالغ كبيرة من الأموال لتنظيم القاعدة وجبهة النصرة وحماس وحتى داعش. وفي قطر، هناك ثلاثة سلال: تمويل الإرهاب من قبل الحكومة، وتمويل الإرهاب من خلال قطريين الذين قد لا تعرفهم الحكومة، وتمويل الإرهاب من آخرين تعرفهم الحكومة، ولكن لا شيء يتم لوقف هذا التمويل. ووفقاً للتقارير القطرية عن الإرهاب لعام 2015، ذكرت وزارة الخارجية أن الكيانات والأفراد داخل قطر لا يزالون يشكلون مصدراً للدعم المالي للجماعات الإرهابية المتطرفة العنيفة، ولا سيما الجماعات الإقليمية التابعة لتنظيم القاعدة مثل جبهة النصرة».

وتابع تقرير ليتينن «ليس هناك أي عذر لإيواء الإرهابيين والمجموعات الداعمة التي تسعى إلى الإضرار بحلفائنا. ولا ذريعة لقطر لإيواء هذه الجهات الشائنة، ولا ينبغي أن تواصل قطر هذه السياسة الطائشة بسبب أخطاء الماضي التي ارتكبتها إدارات جمهورية وديمقراطية سابقة. ويجب ألا نسمح باستخدام قاعدتنا الجوية (العديد) كوسيلة لتبرير هذا النوع من السلوك وانعدام استجابتنا الأنسب. إن سلوك الدوحة يجب أن يتغير، وإذا لم تفعل ذلك، فإنها قد تخاطر بفقدان التعاون في القاعدة الجوية».

وأضاف «أن المملكة العربية السعودية والإمارات يحرزان تقدماً بمعدل أسرع في مكافحة تمويل الجماعات المتطرفة بينما لا تزال قطر متخلفة وبطيئة. ووفقاً لدائرة البحوث في الكونجرس، ففي أكتوبر 2016، قال دانيال جلاسر، المساعد لمساعد لتمويل الإرهاب في مكتب الإرهاب والاستخبارات المالية، في معهد أبحاث واشنطن، إن قطر أحرزت على مدى العقد الماضي تقدماً أقل في مكافحة تمويل الإرهاب من السعودية». وختم التقرير «علينا أن نحلل مجمل علاقاتنا مع البلدان الخليجية. ففي حين أن قطر تساعد فقط على تسهيل عملياتنا في قاعدتنا الجوية، تساهم الإمارات العربية المتحدة منذ 12 عاماً في القتال معنا جنباً إلى جنب في أفغانستان، وتشارك في عمليات مكافحة الإرهاب مع الولايات المتحدة في ليبيا. ومن ثم، فإن إحدى النتائج التي آمل أن تنتهي إليه الأزمة الخليجية، هي أن تعمل دول الخليج بشكل وثيق مع فرق العمل المعنية بالإجراءات المالية التابعة لوزارة الخزانة الأميركية من أجل استئصال وتعطيل تدفقات تمويل الإرهاب..إن الوقت الراهن قد يكون فرصة لإلقاء نظرة فاحصة على الطريقة التي يمكن بها أن نعالج تمويل الإرهاب في المنطقة، وأن نهزم في نهاية المطاف التطرف الذي يهدد أمننا جميعا».

من جهته، قال مدير مؤسسة الدفاع عن الديمقراطية جوناثان شانزر، الذي شارك في الجلسة إن قطر تمادت في دعم المتطرفين في سوريا وليبيا إضافة إلى تنظيم الإخوان بهدف إيصاله إلى السلطة في عدة دول، بهدف تنفيذ المخططات القطرية لاكتساب النفوذ. وقال إن دعم مثل هذه الكيانات مزعج على وجه التحديد في ظل استضافة الدوحة للقاعدة الأميركية التي تشن منها واشنطن عملياتها ضد الإرهاب. وأضاف أن قطر استغلت ثروتها الهائلة وقوتها الناعمة لتقويض المصالح الأميركية بما في ذلك حلفاء أميركا، وأنه عندما واجهت الولايات المتحدة الدوحة في هذا صلتها بالإرهاب كان الرد القطري متراخياً.

وتحدث شانزر عن المؤتمر الذي استضافه معهد الدفاع عن الديمقراطيات عن علاقة قطر بالإخوان ودعمها للجماعة في مايو الماضي، وقال إنه بعد انتهاء المؤتمر حدثت واقعة «قرصنة وكالة الأنباء القطرية» وفقا لرواية الدوحة، واتهمت قطر المعهد بأنه جزء من تلك «المؤامرة» التي كانت سبباً في القطيعة العربية لها، حيث نفى الأمر بشدة. وأوضح في شهادته بالتفصيل دعم قطر لـ «القاعدة» في سوريا، ووصول شحنات من الأسلحة القطرية إلى جماعات مسلحة تم تسليمها لجبهة النصرة، وهو السبب الذي جعل إدارة أوباما في 2012 تطلب أن توقف قطر تصدير الصواريخ التي تطلق من الكتف للمسلحين في سوريا.

وأشار إلى تقرير وزارة الخارجية الأميركية عن الإرهاب، الصادر الأسبوع الماضي، الذي قال إن قطر لم تلاحق أو تدين أي من ممولي الإرهاب قبل 2015. ووفقاً لما ذكرت وكالة أسوشيتدبرس، فإن ممولي الإرهاب المصنفين من قبل الأمم المتحدة تم مقاضاتهم في قطر، لكن لأسباب ما لم يتم سجنهم، حيث طالب شانزر اللجنة بأن تطلب تفسيراً من قطر بشأن نظامها القضائي فيما يتعلق بتمويل الإرهاب. 

وتناول أيضاً دفع قطر فدى كبيرة للإرهابيين الذين يقومون باختطاف من أجل الحصول على أموال، مشيرًا إلى تقارير العديد من الصحف الأميركية والبريطانية التي تحدثت عن أن أحد أسباب الأزمة الراهنة بين قطر والدول العربية، وهو قيام قطر بدفع مليار دولار فدية لإطلاق سراح مواطنيها المحتجزين في العراق وبينهم أعضاء من الأسرة المالكة. ورصد شانزر دعم قطر لـ»الإخوان» منذ 1974، عندما أراد الطلاب الذين درسوا في دول مثل الكويت ومصر تشكيل فصل خاص بهم، ومنذ هذا الوقت استضافت قطر قادة الجماعة ودعمت أنشطتها الإقليمية لاسيما منذ اندلاع ما يسمى الربيع العربي، مشيراً إلى أن قطر استثمرت 18 مليار دولار في مصر عقب وصول «الإخوان» للحكم، وقدمت أموالاً لحزب النهضة (الإخوان) في تونس. 

ودعا الإدارة الأميركية إلى البحث عن بدائل أخرى للقاعدة العسكرية في الدوحة، لتمنح واشنطن حرية كافية في الضغط على السلطات القطرية عندما تخطئ، موضحًا أنه من غير المعقول أن تكون هناك قاعدة جوية تقوم بعمليات على بعد أميال قليلة من عناصر حماس في قطر. 

وأشار إلى أن من بين البدائل إقامة القاعدة في الأردن أو البحرين، أو كردستان العراق. وأضاف إن على الكونجرس أن يبحث تشريعات تفرض رقابة مشددة على تمويل قطر للإرهاب وأن يضغط على وزارة الخارجية الأميركية لتصدر تقريرها عن الدول التي جمعت فدى للإرهابيين على مدار العام الماضي، كما طالب الكونجرس أن يضغط بدرجة أكبر من أجل تطبيق كامل للقانون الذي يطلب من الدول التي تستضيف إرهابيين ضمانات بعدم وصول المواد ذات الاستخدام المزدوج لأيدي الإرهابيين.

من ناحيته، قال إيلان جولدنبرج، مدير برنامج الشرق الأوسط بمركز أمن أميركي جديد، إن قطر تمثل شريكًا معقد للولايات المتحدة، فمن ناحية اتبعت سياسة تتضمن بناء علاقات مع عدد من الأطراف التي تجدها الولايات المتحدة مقلقة للغاية منها الجماعات المتطرفة في سوريا وطالبان وحماس والإخوان، ومن ناحية أخرى، تستضيف قاعدة جوية أميركية. ودعا فيما يتعلق بالأزمة الحالية بين قطر ودول عربية، إدارة ترامب إلى اتخاذ عدة خطوات لتعديل سياستها الحالية في التعامل مع الدوحة.