سمير عطا الله 

في 27 يوليو (تموز) الماضي نشرت «الأهرام» الخبر التالي: «نجحت مباحث أمن القاهرة في ضبط إمبراطور سرقة المنازل بعد تمكّنه من جمع ثروة تقدر».. بكام، يا مولانا؟ أكمل القراءة: «بـ80 مليون جنيه»! صرفت الثروة، دائماً وفقاً لاعترافات الإمبراطور وشريكه، على شراء بعض المتفرقات: 13 محلاً تجارياً، و12 شقة، وقطع أراض للبناء في محلة 6 أكتوبر، وشهادات استثمار بـ4 ملايين جنيه. وأما المسروقات من الجواهر والذهب والماس، فقد حفظها الإمبراطور في خزنات أحد البنوك.

أين الخطأ الكبير: هل هو في السرقة؟ في أن يجمع عاطلان عن العمل، في بلد مثل مصر، 80 مليون جنيه، من دون أن يشعر أحد بذلك، أو في أن يشتري أحدهما الأراضي في 6 أكتوبر إلى جانب كبار أثرياء مصر، من دون أن تسأله الدائرة العقارية كيف جمع كل «هذه النقود»؟

أعرف أنه ليس لدى سيادتك الكثير من الوقت لكي تصرفه في الحزازير. وأن في رأيك - كما في رأيي - الفظاعة هي في الرقم: 80 مليون جنيه. لكن لا. نحن أهل المهنة لا نتدخل إلا في ما يعنيها. ولا بد أن محرر الأخبار القضائية في «الأهرام» ناشئ. وإلا كيف يمكن أن يصف 80 مليون جنيه بأنها «ثروة»؟ إنها يا مولاي كنز من كنوز «ألف ليلة وليلة»، وروبن سان كروزو وفانوس علاء الدين. ويا سيدي هذا الإمبراطور كان على الطريق لأن يدخل جنات مجلة «فوربس» ومرتبة بيل غيتس وكارلوس سليم. ثروة؟ شقة في القاهرة وأراض في 6 أكتوبر وماس ولآلئ، و80 مليون جنيه، وكل دا ثروة؟

لم أقل لجنابكم بعد ما هو الخطأ الفاضح. إنه أن يبدأ الزميل الناشئ في «الأهرام» الخبر بالقول: «نجحت مباحث أمن القاهرة». أين لاحظتم لمعان النجاح؟ لقد قام الإمبراطور وشريكه بـ41 سرقة، واحد يسرق ويحمِّل، وواحد يراقب، وجمع كلاهما كنزاً بثمانين مليون لحلوح قبل أن تقبض المباحث على اللصين المليونيرين.

لا المباحث نجحت ولا المحرر القضائي في «الأهرام» عرف كيف يبدأ الخبر. فالواقع «أن مباحث أمن القاهرة استطاعت، أخيراً، إلحاق الهزيمة بالإمبراطور، قبل أن يوسع إمبراطوريته إلى سائر حوض النيل.