فاتح عبد السلام

‭ ‬نهضة‭ ‬الحياة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬،‭ ‬لاسيما‭ ‬في‭ ‬بغداد‭ ‬كفيلة‭ ‬في‭ ‬انهاء‭ ‬العنف‭ ‬والاقلاع‭ ‬عن‭ ‬التفكير‭ ‬بالسلاح‭ . ‬اعلم‭ ‬ان‭ ‬ذلك‭ ‬وحده‭ ‬لايكفي‭ ‬لمهمة‭ ‬شاقة‭ ‬مثل‭ ‬اعادة‭ ‬السلم‭ ‬الاجتماعي‭ ‬تحت‭ ‬مصابيح‭ ‬التنوير‭ ‬الفكري‭ ‬،‭ ‬كما‭ ‬اعلم‭ ‬ان‭ ‬ذلك‭ ‬يحتاج‭ ‬الى‭ ‬فترة‭ ‬زمنية‭ ‬طويلة‭

. ‬لكن‭ ‬متى‭ ‬نبدأ‭ ‬؟‭ ‬،وما‭ ‬هي‭ ‬الجهات‭ ‬التي‭ ‬تفكر‭ ‬في‭ ‬اغناء‭ ‬الحياة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬التي‭ ‬تعني‭ ‬بالضرورة‭ ‬اغناء‭ ‬حياة‭ ‬الفن‭ ‬والثقافة‭ ‬والصحافة‭ ‬والادب‭ . ‬انتشار‭ ‬وسائل‭ ‬الاعلام‭ ‬وهذا‭ ‬الكم‭ ‬الهائل‭ ‬من‭ ‬الفضائيات‭ ‬لم‭ ‬يساعد‭ ‬على‭ ‬انتشار‭ ‬القراءة‭ ‬ولم‭ ‬يدل‭ ‬الناس‭ ‬على‭ ‬كتاب‭ ‬ذي‭ ‬قيمة‭ ‬في‭ ‬اي‭ ‬صنف‭ ‬من‭ ‬المعرفة‭ . ‬كما‭ ‬اختفت‭ ‬دور‭ ‬السينما‭ ‬من‭ ‬الوجود،‭ ‬وبقي‭ ‬المسرح‭ ‬مثل‭ ‬الشبح‭ ‬يظهر‭ ‬في‭ ‬مناسبات‭ ‬ويختفي‭ . ‬أما‭ ‬معارض‭ ‬الفن‭ ‬التشكيلي‭ ‬فلا‭ ‬تزال‭ ‬في‭ ‬حدودها‭ ‬الدنيا‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬ان‭ ‬العراق‭ ‬موطن‭ ‬الفن‭ ‬التشكيلي‭ ‬العربي‭ ‬بلا‭ ‬منازع‭ ‬،‭ ‬وكلما‭ ‬اشتهر‭ ‬فنان‭ ‬خطفته‭ ‬الهجرة‭ ‬وترك‭ ‬بلده‭ ‬لأسباب‭ ‬متشابهة‭ ‬يجمعها‭ ‬غياب‭ ‬البيئة‭ ‬الحاضنة‭ ‬للابداع‭ ‬والفن‭ ‬والعلم‭ ‬والمعرفة‭ ‬والادب‭ . ‬وزارات‭ ‬الثقافة‭ ‬المتعاقبة‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬كانت‭ ‬كلها‭ ‬فاشلة‭ ‬،‭ ‬غارقة‭ ‬في‭ ‬الفشل‭ . ‬والمهمة‭ ‬التي‭ ‬أتحدث‭ ‬عنها‭ ‬هنا‭ ‬تعجز‭ ‬وزارة‭ ‬الثقافة‭ ‬عن‭ ‬ادائها‭ ‬لأنها‭ ‬مهمة‭ ‬تضامنية‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ . ‬سألت‭ ‬اساتذة‭ ‬جامعات‭ ‬قبل‭ ‬سنتين‭ ‬عن‭ ‬مدى‭ ‬ارشاد‭ ‬طلبتهم‭ ‬وحثهم‭ ‬على‭ ‬متابعة‭ ‬الصفحات‭ ‬الثقافية‭ ‬والفنية‭ ‬في‭ ‬الصحف‭ ‬والمجلات‭ ‬فاكتشفت‭ ‬انّ‭ ‬الاساتذة‭ ‬أنفسهم‭ ‬ليس‭ ‬لهم‭ ‬سبيل‭ ‬الى‭ ‬صحيفة‭ ‬منذ‭ ‬سنين‭ . ‬طلبة‭ ‬الجامعات‭ ‬العراقية‭ ‬،وهم‭ ‬في‭ ‬سنة‭ ‬التخرج‭ ‬،يجهلون‭ ‬اسماء‭ ‬شعراء‭ ‬او‭ ‬روائيين‭ ‬أو‭ ‬كتاب‭ ‬قصة‭ ‬ومسرح‭ ‬لهم‭ ‬ثلاثون‭ ‬سنة‭ ‬في‭ ‬النشر‭ ‬والابداع‭ . ‬لا‭ ‬يعرفون‭ ‬احداً‭ ‬ممن‭ ‬لم‭ ‬يظمهم‭ ‬المنهج‭ ‬الدراسي‭ ‬المقرر‭ ‬الفقير‭ ‬عادةً‭ . ‬

الاعلام‭ ‬العراقي‭ ‬التلفازي‭ ‬سياسي‭ ‬ومسيس‭ ‬بامتياز‭ ‬،‭ ‬هناك‭ ‬صحف‭ ‬تلعب‭ ‬دورا‭ ‬ثقافياً‭ ‬لكنها‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬تدور‭ ‬في‭ ‬اروقة‭ ‬النخب‭ ‬،‭ ‬وتحتاج‭ ‬الى‭ ‬ان‭ ‬تدخل‭ ‬كل‭ ‬مدرسة‭ ‬ومعهد‭ ‬وجامعة‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬البيوت‭ . ‬

‭ ‬ازرعوا‭ ‬امل‭ ‬التغيير‭ ‬في‭ ‬بنية‭ ‬المجتمع‭ ‬مع‭ ‬تشجيع‭ ‬حب‭ ‬القراءة‭ ‬وحب‭ ‬اقتناء‭ ‬الكتب‭ ‬،‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬الكتاب‭ ‬من‭ ‬اجمل‭ ‬هدايانا‭ ‬في‭ ‬طفولتنا‭ ‬في‭ ‬المدارس‭ ‬أو‭ ‬البيوت‭ . ‬هناك‭ ‬نقطة‭ ‬صغيرة‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نبدأ‭ ‬منها‭ ‬،‭ ‬ثم‭ ‬نرتقي‭ ‬،‭ ‬بدل‭ ‬ان‭ ‬نبقى‭ ‬تائهين‭ ‬،‭ ‬والظلام‭ ‬يلفنا‭ ‬ونقاط‭ ‬الضوء‭ ‬كلما‭ ‬ظهرت‭ ‬بيننا‭ ‬غيبها‭ ‬الظلاميون‭ ‬أو‭ ‬هجرت‭ ‬البلد‭ . ‬

الانظمة‭ ‬السياسية‭ ‬التي‭ ‬تعاقبت‭ ‬على‭ ‬العراق‭ ‬منذ‭ ‬تأسيس‭ ‬الدولة‭ ‬العراقية‭ ‬الحديثة‭ ‬مطلع‭ ‬العشرينات‭ ‬فشلت‭ ‬في‭ ‬ترسيخ‭ ‬حياة‭ ‬سياسية‭ ‬لها‭ ‬قيمة‭ ‬،‭ ‬لكن‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬الى‭ ‬جانبها‭ ‬حياة‭ ‬عامرة‭ ‬من‭ ‬المفكرين‭ ‬والادباء‭ ‬والفنانين‭ ‬والصحافيين‭ ‬والسينمائيين‭ ‬والمسرحيين‭ ‬والعلماء‭ ‬والمربين‭ . ‬اخشى‭ ‬ان‭ ‬لا‭ ‬نستطيع‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬القلة‭ ‬القليلة‭ ‬والنادرة‭ ‬احيانا‭ ‬من‭ ‬بقاياهم‭ ‬ونسلهم‭ ‬الابداعي‭ .‬