علي سعد الموسى 

يقول لي أخي الدكتور، عبدالعزيز التويجري، وفي رد إلكتروني قصير تعقيباً على مقال سابق حول اقتناع الإدارة الأميركية بضلوع الدوحة الرسمية في تمويل الإرهاب، «أخي علي، لك الحق في إبداء رأيك ولكن مثلك لا يخفاه
أن الجميع متهم بالإرهاب وأميركا ترسم خيوط مثل هذه الألعاب وتحدد الأدوار وترتب الضحايا».
وجهة نظر أخي الدكتور تطرح السؤال العميق: هل ما يحدث في فوضى العالمين الإسلامي والعربي نتيجة تلقائية صنعت في مطبخ الكراهية الداخلي؟ أم أنه رسم خيوط لألعاب وتحديد أدوار وترتيب ضحايا؟ هل هو مزج ما بين الأخطاء الداخلية لهذه الشعوب وبين فكرة «المؤامرة» الخارجية كما يذهب تحليل البعض؟ ومن وجهة نظري فإن الجواب القصير جداً أننا نحن وبأنفسنا من سمح لكل من هب ودب في الداخل وخارج هذه الخريطة، بأن نكون مختبر التجارب الجاهز لكل من أراد امتحان وتجربة أفكاره الثقافية والسياسية، خذ مثلا: الإيمان بالإرهاب ومن
ثم تحويله إلى غطاء جهادي لم يحدث بسبب تصريحات جورج بوش أو رونالد ريغان ولا بسبب خطب القس الأميركي الشهير، جيمي سواجارات، وإنما نتيجة للبعض من منابر ما نسميه «زمن الصحوة»، التي اختزلت وحرفت فتاوى إرث الخطاب الإسلامي ثم شحنت به آلاف الشباب الذين ذهبوا رماداً لحطب في معارك بلا راية. وكل ما فعله الغرب السياسي لم يكن بأكثر من استغلال عينات المختبر الجاهزة بالفعل، أنا ساقول إن كل الغرب السياسي لا يرسم ولا يحدد ولا يرتب الضحايا إلا في المرحلة الثانية من التجربة التي أكملنا بأنفسنا، ومن أجلها، كل ترتيبات المرحلة الأولى والمربع الأول، ولن ينقض كلامي بالبراهين إلا إذا قال أحدهم إن أميركا ومعها كل الغرب الرسمي هي من صنع خطاب الصحوة، ثم عمل على تغذيته لأربعة عقود من الزمن، كي يصل الحال بهذه الخريطة الإسلامية والعربية إلى مثل هذه الحالة، كل هؤلاء يقولون إن القاعدة وداعش والنصرة صناعة أميركية خالصة دون أن يذهبوا إلى ما هو أعمق: ما هو السماد الطبيعي الذي غذيت به كل بذور وجذور هذه التنظيمات الإرهابية؟ وعلى ماذا تستند في تبرير خطابها الأيديولوجي؟ سأردف هذا التحليل بسؤال: هل كانت خطب منابرنا ومحاضرات معسكراتنا تكتب وتطبع في واشنطن ولندن؟ وهل كان بعض البعض من منظري ما كان في زمن الصحوة يأخذون تدريباتهم الدورية في جامعات هارفارد وكامبردج أم في كهوف تورابورا وجامع الحدباء في الموصل.