مشاري الذايدي 

في مقابلته المهمة مع صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية، وضع السفير السعودي الجديد الأمير خالد بن سلمان ملامح السياسة السعودية الدولية، أو بالأحرى جدّد المجدد، وأكّد المؤكّد، ونبّه الغافل، وحذّر المتغافل.


هناك دوماً جدل ولغط حول السياسة السعودية لدى الميديا الغربية، إما بسبب الصورة النمطية عن بلاد الصحراء والجمال والنفط والخيام والنساء المقصورات في الخيام. وهي صورة صممت منذ القدم في الخيال الغربي عن جزيرة العرب (الآرابيان)، ولاكتها أفواه الروايات والأفلام واللوحات.
لكن هناك جانباً سيئاً من الصورة النمطية، ليس بهذه البراءة والتقليدية، بل صورة مشغول عليها، تغذّيها ماكينة يديرها لاعبون من الملعب الخميني الإيراني أو اليساري «المحترف»، كره السعودية... أو من نشطاء الإخوان الجدد من أبناء الجيل الثاني والثالث من مهاجري الإخوان.
المهم... إن هذا هو قدر السعودية، وعليها أن تواجهه بشجاعة وحكمة... وأهم من ذلك بحجة وبرهان، فالحرب نصفها في الإعلام... قبل حرب المدفع والدبابة والطائرة المقاتلة.
غالباً هناك أسئلة ثابتة لأي مسؤول سعودي في الصحافة الغربية والدولية بشكل عام: المرأة... وتحديداً قيادة السيارة. التعامل مع الشيعة... الوهابية... وهجمات 11 سبتمبر (أيلول)... وهناك أسئلة مستجدة مثل حرب اليمن. مشكلة قطر... الخ.
أجاب السفير الأمير خالد بن سلمان إجابات صائبة على الأسئلة القديمة والجديدة. وكان مما قاله عن وجود سعوديين في هجمات 11 سبتمبر، إن هذه الجماعة نفسها التي هاجمت برجي نيويورك، هاجمت شوارع وناس الرياض وجدة ومكة والمدينة وأبها والخبر. هم أعداء لنا مثلما هم أعداء لكم... وربما أعظم.
أمور التفتح والمرأة وتطوير النظام القضائي وكبح التطرف تتحسن بالذات في السنتين الأخيرتين... ومن يزر «مولات» الرياض وجدة يدرك الفرق الكبير الذي حدث. وبالنسبة للمرأة فقد شهد ملفها القانوني والحقوقي خطوات ليست بالهينة، وآخر ذلك فيما يتعلق بحقوق الحضانة ودعم الأهلية القانونية للمرأة، وما زال يطلب الكثير... بما في ذلك مسألة قيادة المرأة للسيارة التي قتلت جدلاً، وصارت شماعة إعلامية لأعداء السعودية، ومنهم إيران الخمينية نصيرة حقوق المرأة في العالم!
غير أن الأهم في ذلك الحديث كله، تبيان دور السعودية الحيوي العالمي في قيادة الحرب الإسلامية على الإرهابيين ومن يدعمهم من أحزاب و«دول»، وهنا كانت الملاحظة النافذة للسفير السعودي حين قال: «نعم... يوجد أشخاص وجماعات يدعمون المتطرفين في السعودية، ولكن الدولة تحاربهم. لكن هناك دولاً وليس أفراداً تدعم وتغذي بالمال والإعلام والسياسة جماعات التطرف المسلح منها وغير المسلح... قطر مثلاً!
حديث كهذا، من شخصية كهذه، في توقيت كهذا، ومنبر كمنبر الـ«واشنطن بوست» مهم للصوت السعودي... على أن يستمر أكثر ويتنوع، وتصبح له قواعد مؤسسة لا تمل ولا تكل.
أول الغيث قطرة... وأول الكلام موفق.