جميل الذيابي

دخلت مقاطعة قطر شهرها الثالث، ولا تلوح تسوية في الأفق ولا تنازل عن الشروط والمطالب، ليس بسبب الدول الأربع التي عزلت الدوحة بعد نفاد صبرها على سياساتها، التي لا يمكن قبولها وترفضها الأعراف والمواثيق الإقليمية والدولية؛ وإنما بسبب سياسات «الحمدين» الحاقدة، ورفض الشيخ تميم تنفيذ المطالب التي سبق أن وقع عليها، وعدم الالتزام بـ «المبادئ الـ 6» التي أعلنتها الدول الداعية لمكافحة الإرهاب.

أضحت قطر تتنقل من عاصمة لأخرى، ومن منظمة دولية لأخرى، بحثاً عمن يؤيدها، ولم تجن إلا الحصرم. لم تترك شيئاً الدوحة في سبيل العثور على من يمكنه التعاطف معها، حتى إنها ذهبت إلى حد استئجار الباصات وسيارات الأجرة اللندنية، وشاشات التلفزة الأمريكية، لبث دعايات «المظلومية» التي لم تنطل على أجهزة الدول الأخرى.

والمضحك حقاً أنها ذهبت إلى ولاية كيرلا الهندية واستأجرت مرتزقة ومركبات لتلميع صورتها ودفعت ملايين الروبيات الهندية، وهذا اعتراف أن صورتها مهزوزة، وسمعتها ملطخة، وأن قطر لم تعد بعد 5 يونيو 2017 مثلما كانت عليه قبل ذلك التاريخ؛ إذ أضحى يُنظر إليها بعين الريبة والشك من المجتمع الدولي.

وعلى القيادة القطرية أن تعلم أن الذهاب إلى واشنطن ونيويورك، أو لندن أو باريس، أو حتى كيرلا لن يحل الخلاف مع الأشقاء، ولن يرفع المقاطعة، ولن يلغي المطالبات بضرورة تغيير سلوكها السيئ. وعليها أن تدرك أن تنفيذ المطالب واتفاق الرياض هو الحل المنشود.

وليس مصر أو الدول الخليجية الثلاث النافر فقط من سلوكيات الدوحة، بل الموقف الرسمي الكويتي لا يختلف عنهم، فقد سبق أن رفض أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد السياسات القطرية المؤذية، وحذر من انعكاساتها على المنظومة الخليجية الصلبة.

أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد- وهو يمسك بملف الوساطة في هذه الأزمة غير المسبوقة- لن يبقى على الحياد، فهو خير من يعلم كل التفاصيل، ويعرف أن قطر سعت لتقسيم السعودية والتجييش ضدها ولا تزال تسعى لبث الفتن، وزعزعة أمن السعودية والإمارات والبحرين، وضرب استقرارها، واللعب بنيران الثورات والانتفاضات، وشراء الذمم، واسترخاص أمن الأوطان، لتحقيق غايات الرؤى «الإخوانية» لحكام قطر.

كيف لا، وقد كان الشيخ صباح الأحمد وسيطاً في التوصل إلى اتفاق الرياض 2013 وملاحقه التكميلية 2014؟

حكومة قطر تغرق في الوحل وفي أسوأ حال حتى وإن كابرت، فقد حولت أزمتها إلى أزمات عدة، وعملت على تدويلها، وكان بإمكانها احتواء الخلاف مع شقيقاتها، لكنها ظلت تناور وتكذب ما وسع دائرة الخلاف، ولن تفيدها لا إيران ولا تركيا مهما حاولت التذاكي واستجلبت كل المتناقضات ودفعت المليارات!

قطر تخسر، وستخسر أكثر حتى النهاية التي تكتبها بيدها، وتجني قيادتها على الشعب القطري الشقيق- الذي نتمنى له كل خير- ويلات هو في غنى عنها.

ولن تنجح نظرية توظيف قناة «الجزيرة» ووسائل إعلام الظل لنشر «الشعارات الكاذبة» والترويج لجماعات الإخوان والقاعدة وحزب الله. القصة باتت مفضوحة. والأكيد أن خيانة القيادة القطرية للأشقاء الخليجيين لن تفت في عضدهم، ولن تحقق غاياتها المؤذية. وآن لتلك القيادة أن تستمع لصوت العقل، وتستجيب لما تمليه الحكمة، لأن الآتي أعظم عليها قبل غيرها!.