فهد عريشي

أتمنى من هيئة النقل العام أن تسنّ قوانين للمنافسة العادلة بين مقدمي الخدمة على غرار هيئة الاتصالات السعودية التي كافحت خلال السنوات السابقة لفرض سياسة المنافسة العادلة.

أعلنت شركة «ديدي» الصينية استعدادها للدخول إلى السوق السعودي عبر شراكة إستراتيجية مع «كريم»، وكما هو استعداد للدخول إلى السوق السعودي لفتح مزيد من قنوات استثمارها في مجال أجرة السيارات، إلا أن ذلك في الحقيقة يشكل إعلانا لمعركة جديدة بين ديدي ضد شركة «أوبر» الأميركية داخل السوق السعودي. 

السؤال هنا: هل ستكسب «أوبر» هذه المعركة، أم ستخسرها كما خسرتها على أرض الصين؟، إذ خرجت منها مضطرة ببيع حصتها في السوق الصيني لمصلحة شركة «ديدي» والخروج بخفي حنين، بعد أن واجهتها ديدي بسياسة «تكسير العظام»، إذ كانت تؤجر السيارات بأقل من التكلفة، وتتحمل الخسائر من أجل الضغط على أوبر، لبيع حصتها في السوق الصيني، ونجحت خلال فترة قياسية في أن تكبد «أوبر» خسائر قدرها مليار دولار سنويا، تتم تغطيتها من أرباحها في الأسواق الأخرى، مما جعلها تعلن انسحابها من السوق الصيني والبحث عن أسواق أخرى، منها السوق السعودي الذي منذ أن دخلت إليه منافسا شرسا لشركة «كريم»، لتلحق بها «ديدي»، وفي محاولة لنقل المعركة إلى داخل السوق السعودي، وهذا نذير شؤم على إدارة شركة «أوبر» التي تعلم جيدا سياسة شركة «ديدي» الصينية الصلبة في المنافسة، وأنها مرحلة جديدة للتحديات، وتحمل الخسائر وضغوط الأسعار المنخفضة التي ستنافس بها ديدي داخل السوق.

خسارة إحداهما هي أيضا خسارة للاستثمارات السعودية في الشركتين «ديدي» الصينية و«أوبر» الأميركية. تم استثمار مبلغ 3.5 مليارات دولار بشكل مباشر في شركة أوبر خلال صندوق الاستثمارات العامة السعودي، وكانت أول صفقة عالمية بعد إعلان رؤية المملكة 2030. 

واستثمرت السعودية في مجموعة «سوفت بنك» اليابانية، والتي تعدّ الداعم الكبير لـ«ديدي» في منافساتها، وأي خسارة لـ«ديدي» هي خسارة أيضا لاستثمار مجموعة سوفت بنك فيها، وخسارة إحداهما تعني أيضا أن السوق سيُصبِح لإحداهما دون منافسة، وهذا ليس من مصلحة المواطن السعودي والمقيم المستفيد من خدماتها، لذلك أتمنى من هيئة النقل العام المسؤولة أن تسنّ قوانين للمنافسة العادلة بين مقدمي الخدمة على غرار هيئة الاتصالات السعودية التي كافحت خلال السنوات السابقة لفرض سياسة المنافسة العادلة بين شركات الاتصالات السعودية وموبايلي وزين، حتى لا ينحاز سوق الاتصالات لمصلحة أحدهم بإغراء المستفيدين بخدمات رخيصة جدا -على حساب الجودة- يكبد بها الخسائر لمنافسه، ليستغل المنتصر خروج منافسه واستحواذه على السوق، ليقوم لاحقا برفع الأسعار وتقليل تكاليف الجودة، لأن المتضرر الوحيد هو المواطن.

المعركة بين «ديدي» و«أوبر» تبدو وشيكة جدا، حتى أننا نكاد نسمع قرع طبولها داخل السوق السعودي، وهي معركة ضمن حربها التنافسية الضروس التي لا رحمة فيها، والتي تابعتها باهتمام داخل السوق الصيني، ورأيت كيف كانت «ديدي» تحارب بشراسة رغم نزف الخسائر الذي كانت تهدره من أموالها من أجل إخراج «أوبر» من السوق الصيني، وكيف كانت تقدم أفضل الخدمات بأقل الأسعار، حتى انحاز إليها السوق بالكامل، وأصبح الجميع يفضّل استخدام تطبيق ديدي لجودة الخدمة ورخص الأسعار، حتى أعلنت الانتصار بإعلان مجلس إدارة «أوبر» انسحابه وخروجه من السوق الصيني، وسحب عملائهم بعروض أسعار أرخص من التكلفة، وهي السياسة المتوقعة لشركة ديدي داخل السوق السوق السعودي، ما لم تقم هيئة النقل العام بفرض القوانين التي تجعل التنافس يحدث خلال الطرق المشروعة.