هل يتحقق السلام بين الدول العربية والدول المجاورة؟

عبدالمحسن بن وني الضويان

لو قدّر لك أن تزور بلداً أوربياً أو أمريكياً أو حتى من دول الشرق وقلت لنفسك لماذا لا أفتح التلفزيون وأرى وأسمع ما في محطاتهم من أخبار وما يدور من حوارات ونقاش وطبيعة الأنشطة الإعلامية لأنك ستقارنه مباشرة بما هو موجود بمحطاتنا التلفزيونية ووسائل إعلامنا لن تسمع أو ترى أخبار التفجير والأحزمة الناسفة والصواريخ والطائرات الحربية التي تدك المدن والقرى على رؤوس أهلها من المدنيين بمن فيهم الأطفال والنساء والشيوخ، ولن تسمع عن البراميل المتفجّرة التي تنشر الدمار أينما سقطت هدفها القتل قتل من؟ لا يهم بالعدد من تقتل. الإعلام في تلك الدول لن يصدعوا رأسك بأخبار داعش والنصرة وأخواتهما، ولن تسمع أخبار حزب الله وفروعه والحشد الشعبي والحوثيين، وكم يقتل على الهوية والطائفية تساعدهم في ذلك دول إقليمية تمدهم بسخاء بالمال والسلاح والدعم اللا محدود لأن كل هذه المليشيات تحقق لهم أهدافهم من نشر الرعب والدمار وتفتيت الشعوب وتقسيم البلدان العربية إلى مناطق نفوذ لهم ويسعون من خلال ذلك إلى إحياء إمبراطوريات قد زالت ولا أمل في رجوعها، ليس هذا فقط، بل دول أجنبية قد جاءت بقضها وقضيضها لتأخذ نصيبها من الغنائم وقد حصل ما تريد ولكنها يوماً بعد يوم تنغرس أقدامها في وحل الدول العربية التي تعصف بها الأهوال وستكتشف بعد وقت أوانها، الآن تعرف ورطتها واكتشفت أن ما غنمته لا يستحق كل هذه الجهود، والخسائر أسوأ منها الدولة تحارب المليشيات نيابة عنها. أعني بها دولة الملالي حكومة إيران، لا أعتقد أنها ستجني شيئاً, لأنها في غمرة أطماعها وأحلامها همشت شعبها فتوقفت حركة النمو والتطور وبدلاً من الصرف على المشاريع التي تخدم المواطن صرفتها فيما لا طائل وراءه كمشروع السلاح النووي إلى حوصرت بسببه من عدد من الدول الكبرى وما بقي لها من مال بددته على ميليشياتها وتركت شعبها يئن تحت وطأة الفقر والعوز وازدادت نسبة منهم على خط الفقر إلى قيم عالية.

والآن بعد أن أخذنا الوضع المأساوي في بعض دولنا العربية دعونا نعود إلى ما بدأ به مما يتم تداوله في إعلام العالم الغربي بالطبع لن تجد أخبار الحروب والدمار في العالم العربي، بل إن ذلك لا يذكر إلا قليلاً واهتماماتهم في إعلامهم تنصب كلها تقريباً في تطوير المواطن وتقدّمه لأنهم يرون المواطن هو أساس التنمية ومحور اهتمامها كجسم الإنسان الذي يتكون من بلايين الخلايا إذا صلحت الخلية صلح جسمه وإذا أصابها العطب أصاب الجسم كله العلل والأمراض, الاهتمام بصحة المواطن وتعليمه وتنميته الاجتماعية ورفع مستواه العلمي والتقني وزيادة كفاءته والحرص على نظافة الماء الذي يشربه والهواء الذي يستنشقه كل ذلك هو ما يدور في إعلامهم.

صحيح أن العالم الغربي ودول آسيا قد مروا بحروب أهلية وإقليمية وأوضح مثال ما حصل من قتل وتدمير ومآس يشيب من هولها الولدان وتحولت مدنهم إلى ركام ومات حوالي خمسين مليون نسمة ولكنهم صحوا من كابوس الحرب والدمار وتغلب العقل على البطولات الزائفة وتبنوا منهجاً حضارياً يمكن اختصاره بكلمة فقط هي... التعايش بين الجميع واحترام حريات الشعوب وعدم التدخل في شؤونها أو التوسع والتميز على حسابها فتحول الأعداء إلى أصدقاء وامتدت الأيادي جميعاً لبناء ما تهدم وإصلاح ما أفسدته الحروب وخلال سنوات قليلة عادت الدول أقوى مما كانت وها هي مدنهم تبهرنا بالتطور وها هي صناعتهم وتقنيتهم محل إعجاب الجميع الكل يحاول أن يحذو حذوهم ويتلمس طريقهم عسى أن يصل إلى ما وصلوا إليه وقد استطاعت بعض الدول اللحاق بهم وأخرى تحاول وقد أدركت بعض النجاح.

والسؤال الذي ورد في عنوان المقال: وهو هل تستطيع دولنا العربية وخاصة التي تعصف بها الحروب وتعاني من تدخل الدول الإقليمية والعالمية هل تستطيع أن تتوصل إلى أهمية وضرورة التعايش ونبذ الخلاف والعيش بأمن وسلام يجعلها تتفرَّغ لتطوير مواطنيها وتبني مشاريع تنموية وتحاول أن تلحق بركب الدول الموصوفة بالمتطورة بدلاً من الكفاح من أجل البقاء فقط؟ أعتقد أن ذلك ممكن بإذن الله على أن تتخلّى الدول الإقليمية المارقة عن أطماعها وأحلامها التوسعية.