مجموعة “أحمد ابن المالكي”.. نفوذ يتمدّد من “المكتب” الى “الدولة”

 غياث الحاج

الحلقة الرابعة

ان المجموعات التي تشكّلت حول المالكي، وأقصت أصحاب الكفاءة والمهنة، وأعضاء حزب الدعوة الإسلامية، من حول رئيس الوزراء، سعت الى تعزيز نفوذها الذي بدأ يتمدّد الى الجيش، والوزارات، والمشاريع. ومع مرور الزمن تمكّنت هذه المجاميع من تشكيل حلقة مُحْكمة حول المالكي، تسيّر قراراته وتجعله مقتنعا بما لديها من وجهات نظر، تجاه الأشخاص، والاحداث، على حد سواء.

وأبرز هذه “اللوبيات” هي “مجموعة الابن احمد”، وسوف نسرد أدوار أعضائها، بالتفصيل.

تشكلّت “مجموعة الابن” بعد مرور عدة سنوات من رئاسة المالكي للحكومة، وبشكل تدريجي حتى أصبحت حلقة مؤثرة في صنع القرارات، ولها بصمات واضحة في سياسات المالكي.

وأقطاب هذه المجموعة هم:

الأول: رجل الأعمال عصام الأسدي

رجال أعمال معروف، بدأ نجمه في الصعود، بعد سقوط نظام الدكتاتور صدام حسين في 2003، باعتباره أحد رجال الأعمال المقربين للمجلس الأعلى.

غير إن الأسدي خطّط للتقرب من المالكي، بعد صعود نجم رئيس الوزراء بعد “صولة الفرسان”، وكان وزير الداخلية، وقتها، جواد البولاني، الجسر الذي استثمره الأسدي للعبور الى ضفة المالكي، ذلك ان علاقة خاصة تجمع بين الأسدي والبولاني، مكنتهما من التنسيق الثنائي مع رئيس الوزراء.

ومع مرور الزمن، تصاعدت وتيرة العلاقة بين المالكي والأسدي، لاسيما في السنة الأخيرة من ولايته الأولى، غير أنها بقيت ضمن السياقات العادية كأي رجل أعمال صاحب مشاريع مهمة في البلاد.

لكن الأمور لم تسر على هذا النحو، ففي اللحظة التي بدأت فيها الولاية الثانية لنوري المالكي، المصحوبة بتنامي طموحاته السياسية والعائلية وتفرّد “الابن احمد”، وهيمنته على مكتب رئيس الوزراء، تشجّع عصام الاسدي على الطموح الأكبر في لعب أدوار سياسية واقتصادية، في مرحلة المالكي الثانية.

وبالفعل، فقد لعب الأسدي أدواراً “خطيرة”، هي كالتالي:

الأول: تمدّد نفوذه في أوساط القضاء مستفيدا من نفوذ المالكي و”الابن” لتقوية حضوره حتى بات احد المؤثرين في القضاء، وكان يُسّمى داخل تلك الدوائر بـ “دولة الحجي”، لاسيما وان “الابن” كان يدفع بالاسدي لفتح أي ملف ضد أية شخصية سياسية او اقتصادية.

الثاني: التقريب بين “الأب” و”الابن” في حالة ظهور اختلاف بينهما، فقد كان “الابن” يستعين بالأسدي لتمرير قناعاته وأفكاره عبر عدة قنوات للتأثير على “المالكي الأب”، وكان عصام الأسدي، من أبرز تلك القنوات.

الثالث: استطاع الأسدي من خلال المالكي و”الابن” من توسيع مشاريعه الاقتصادية، وكان “الابن” ومن خلال موقعه الوظيفي يسهّل مشاريع الأسدي كشريك أعمال، اما غير ذلك فان “الابن” كان سيعرقل تلك المشاريع الاقتصادية.

الرابع: استطاع الأسدي الحصول على مئات المليارات كقروض من مصرف التجارة لتوسيع إمبراطورتيه المالية من خلال الضغط على مديرة المصرف حمدية الجاف، عبر تدخل مباشر من المالكي و”الابن”.

الخامس: توسّعت طموحات عصام الأسدي الى أبعد ذلك، وبرزت في التدخل بتعيين او فصل وإبعاد بعض المسؤولين الكبار، كما حدث مع مفتش وزارة الكهرباء علاء محي الدين، الذي كان يقف عائقا أمام مشاريع الأسدي في الوزارة.

السادس: لعب الأسدي دور الوسيط السياسي، بعد مشروع “سحب الثقة” باعتباره مفاوضا باسم المالكي مع كتل وشخصيات سياسية.

الثاني: ياسر صخيل

تحوّل ياسر صخيل بعد زواجه من ابنة المالكي الصغيرة، الى أحد أركان “مجموعة الابن احمد”.

وقد ترافق ذلك، مع إبعاد مدير مكتب المالكي، طارق نجم، وباقي فريق المكتب، الذي اصبح يُدار من قبل “الابن”، الذي ركز اهتمامه على إضعاف صهر العائلة الآخر (ابو رحاب) وأبو مجاهد الركابي، وتهميشهما من السيطرة على دائرة المكتب الخاص، حيث استعان “الابن احمد”، بياسر صخيل لتنفيذ خطته، وقد نجح فعلا في إقناع المالكي بإبعاد الركابي بوشاية منه، وتحجيم نفوذ أبو رحاب.

وتمثّلت أدوار ياسر صخيل، فيما يلي:

الأول: كان ياسر صخيل يلعب دور التأثير على قناعات المالكي، حول الأشخاص، أو الأحداث بتوجيه من “الابن احمد”، الذي كان يوزع الأدوار على أفراد مجموعته لكي يُقنعوا المالكي برؤية خاصة، تجاه شخص ما.

لقد كان المالكي يرسم قناعاته وفق مزاج أفراد “مجموعة الابن”، وهو ما حدث مع مفتش وزارة الكهرباء، علاء محي الدين، فقد أوصل عصام الأسدي بنجاح، الأنباء عن فساد محي الدين، كما طرح صخيل على مسامع المالكي بتقاضي محي الدين، رشوة مالية. وعندما طلب المالكي من “الابن احمد”، التحقيق في ذلك كان الجواب حاضرا بان علاء محي الدين، “رجل فاسد”.

الثاني: كان ياسر صخيل ينفّذ أوامر “الابن” في فبركة معلومات تزعزع ثقة المالكي بقادة حزب الدعوة الإسلامية، وبعض الاسماء المقربة من المالكي، وكان ضحية هذه الأجندة فالح الفياض، حين نقل ياسر صخيل الى المالكي المزاعم عن ان فالح طرح نفسه بديلا له، كرئيس للحكومة، خلال زيارته الى واشنطن، ما أثار غضب المالكي.

الثالث: تصاعدت تدخلات صخيل في الجيش، فقد كان صخيل يتّصل بالقادة بشكل مباشر ويصدر لهم الأوامر العسكرية حتى وصل الامر الى تدخله في إصداره الأوامر بتحريك طائرات الى المناطق الحربية.

الرابع: بسبب خوف “الابن” من الظهور، أوكل المالكي مهمة العمل الجماهيري الى ياسر صخيل الذي بدأ يدير التجمعات الجماهيرية والشبابية، ما عزّز قناعة المالكي به، وأقنعه بتأسيس “حركة البشائر”.

وصعد نجم صخيل، وتعززّت ثقة المالكي به، الى الحد الذي توفرت القناعة لدى رئيس الوزراء، بتوزيره وزارة الشباب في حكومته الثالثة بعد نجاحه في الانتخابات البرلمانية.

الثالث: سامي المسعودي

برز نجم سامي المسعودي، من خلال نقله الكثير من المعلومات، عن مشروع “سحب الثقة” الذي يقوده زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، ذلك ان المسعودي اقنع المالكي بقدرته على التأثير في “حزب الفضيلة” والوصول الى حلقة الصدر، ورصْد أسرار تحركاتهم ضد المالكي.

وهكذا أصبح المسعودي، أحد أركان “مجموعة الابن” ليلعب أدوارا سياسية مهمة، وهي:

الأول: وهو الأخطر، حين استطاع خداع المالكي بإقناعه في أهمية طرح قانون الفقه الجعفري والتصويت عليه في مجلس الوزراء، ما تسبّب في أزمة بين المالكي والمرجعية، وإنْ كان المالكي قد عالج الموضوع من خلال عدم إرسال القانون الى البرلمان.

الثاني: أوكل “الابن احمد” الى المسعودي مهمة إقناع المالكي، بخطورة طارق نجم، وهكذا شن المسعودي حملة تشهير بين الأوساط السياسية بان عودة طارق نجم الى العراق، غرضها، سحب البساط من المالكي.

الثالث: كان المسعودي أحد المؤثرين في زعزعة ثقة المالكي بقادة الحزب، بواسطة نقل المعلومات المضللة عن تحركاتهم.