حمود أبو طالب

يكثر الحديث هذه الأيام عن الدفء الذي بدأ يسود العلاقات العراقية الخليجية والسعودية على وجه التحديد، حديث بعضه مرحب ومستبشر وبعضه ممتعض وكاره لا يريد لهذه العلاقة أن تعود بشكلها القوي كما يجب بين شعب عربي عريق وأشقائه المجاورين له المتطلعين إلى مستقبل أجمل يعوضه عن سنوات الشقاء التي مر بها.

لقد تعرض العراق لواحدة من أكبر المؤامرات في التأريخ عندما تم تقويضه بالكامل وتحويله إلى دولة فاشلة بلا مؤسسات أو جيش أو أمن، وفي صفقة من أسوأ الصفقات سلمته أمريكا وحلفاؤها من دول الغرب لإيران كي تبسط نفوذها عليه وتتحكم في مفاصله وتحدد طبيعة إدارته. ومنذ ذلك الوقت أصبح رهينة حكم طائفي مهد لبروز تنظيمات الجحيم الإرهابية التي فعلت به ما لم يفعله أسوأ البرابرة عبر التأريخ. لقد كاد يختفي العراق العربي سياسيا من محيطه العربي بعد أن طوقته إيران وحاصرته، لكن الأمل كان مستمراً بعودته وتعافيه مما حل به.

لقد بذلت المملكة جهودا كبيرة دون يأس أو كلل لتضميد جروح العراق ومداواة آلامه واستقطابه إلى حضنه العربي الطبيعي، وبدأت تلك الجهود تؤتي أكلها حيث استقبلت المملكة فاعليات سياسية عراقية تمثل أطيافه المختلفة، وتم فتح الحدود معه واتخاذ قرار بتسيير رحلات جوية، وضخ مساعدات كبيرة لإعادة إعمار المناطق التي تضررت.

عودة العراق لن تمر مرور الكرام على الجهات التي تحاول استقطابه بعيدا، سوف تزعج هذه العودة وكلاء مخطط الفوضى في الدول العربية، وسيحاولون دق الأسافين في علاقته الجديدة الدافئة مع دول الخليج، وذلك ما يتطلب الحذر والانتباه حتى لا يتكرر اختطاف بلد عريق وعزيز علينا.