مشروع تحالف انتخابي "مردة" و"قوات"ومعوّض وكتائب وحرب 

موفدون ذهاباً وإياباً بين بنشعي ومعراب... وباسيل وحده مع القومي؟ 

إيلي الحاج 

دائرة الأقضية الأربعة الغالبة مسيحياً في الشمال مفتوحة على الاحتمالات، والقاعدة فيها خصم خصمي صديقي، وظروف المعركة والتطورات تحدد حين يؤون الأوان من هو الخصم ومن الصديق ومن هو الأخ. دائرة البترون والكورة وبشري وزغرتا مرشحة بامتياز للتحوّل في الانتخابات الآتية السنة الآتية أرض صراع على زعامة الطائفة ورئاسة البلاد. والتحالفات فيها يمكن أن تنحو في اتجاه يبدو اليوم غير معقول ربما. ولا شيء غير معقول في بلد الغرائب. 

المعلومات تتلاحق عن سعي مشترك يبذله "تيار المردة" وحزب "القوات اللبنانية" إلى تقارب انتخابي يضم أطرافاً آخرين. تقارب سوف يعني إذا ما تحقق حسم نتيجة انتخابات الدائرة إلى حد بعيد، سواء خاضتها لائحتان أو ثلاث وأكثر. لم يعد سراً نشاط موفدين من الجانبين ذهاباً وأياباً على طريق بنشعي – معراب. وأيضاً عن ترحيب من الجانبين بفكرة التعاون من أجل التحكم في نتيجة فرز الأصوات مسبقاً بعملية تقاسم للمقاعد من ضمن تحالف أوسع يعطي نتائج شبه مضمونة لكل من المقاعد العشرة في الدائرة. فيأخذ "المردة" مقعدان في زغرتا والثالث لرئيس "حركة الاستقلال" ميشال معوّض، ويأخذ حزب "القوات" مقعدي بشري ومقعداً أو مقعدين في الكورة، يتعلق الأمر بترشح نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري أو إصراره على موقف النأي بالنفس هذه المرة عن الانتخابات، ويستعيد حزب الكتائب مقعد الدكتور جورج سعادة في البترون لنجله النائب سامر، ويبقى النائب بطرس حرب في المقعد الذي لم يتمكن أحد من انتزاعه منه إلا مرة وحيدة وبرضاه، عندما سار في قرار المقاطعة عام 1992.

 

والمعلومات تفيد بأن ثمة تصوراً لتحالف انتخابي، لائحة واحدة لم تعد فكرتها بعيدة من التبلور، ولا أسهل من تعبئة أسماء أعضائها المتبقين، في حال بقيت المعطيات الحالية على حالها، وتعذر التفاهم انتخابياً بين هذه القوى، منفردة ومجتمعة مع رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل الوزير جبران باسيل، والذي لن يتبقى متوافراً للتحالف معه على لائحة واحدة من القوى الأساسية غير الحزب السوري القومي الاجتماعي، في الكورة. 

 

كان مفترضاً أن تشق رحلة التقارب طريقها بين بنشعي ومعراب بعد سهرة الرياض الطويلة، الشهيرة والتي بحث خلالها الرئيس سعد الحريري ورئيس حزب "القوات" سمير جعجع احتمال تأييدهما رئيس "المردة" سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية. ويروي فرنجية لمن يسأله أن حواراً كان قد بدأ بينه وبين جعجع، يتحدث عن أكثر من 20 جلسة حوار في السياق، وأنه تبلغ من رئيس "القوات" استعداده لتسهيل انتخابه رئيساً، لكن هذا الحوار انقطع عندما قرر جعجع فجأة الذهاب إلى تفاهم مع النائب آنذاك الجنرال ميشال عون. وينقل من يلتقون رئيس "المردة" هذه الأيام أنه منفتح على احتمال إقامة علاقة بـ"القوات"، وإن على حذر نظراً إلى مآل الاتصالات والتجارب السابقة، وليس إلى ماضي النزاعات التي صارت وراءه، خصوصاً بعد اللقاءات التي رعتها البطريركية المارونية بينهما، علماً أنه لم يرفع دعوى شخصية على جعجع في زمن الدعاوى والانتقامات، بل حمى كثيرين من أنصار جعجع ومؤسسته التلفزيونية خلال مرحلة سجنه وساعد بما استطاع. في هذا الموضوع يثبت فرنجية بالتصرف تصالحه مع نفسه. 

 

ويكشف بعض من عايشوا حقبة المفاضلة عند جعجع بين عون وفرنجية أن موقفه كان، وإلى حد بعيد، أنه يريد ترك الاختيار له، وبتوقيته ، إذا اضطرت الأوضاع ركني قوى 14 آذار سابقاً إلى الاختيار من ضمن الموجود في "السلة". 

 

أما فرنجية فكان واضحاً جداً في تلك الإتصالات. قال ما مفاده لإعلامي من غير خطه السياسي التقاه أخيراً : أنا لا أكذب. قلت إني لن أحكم وحدي ولن أكون استئثارياً. وصراحة سأؤمن لعهدي ما يحتاج إليه، وأتفاهم مع الآخرين على ما يريدون. الصراع القديم الزغرتاوي- البشراوي صار وراءنا، أما نحن فبحكم المتصالحين. والتنسيق بين كتلتي وكتلة "القوات" سيؤمن للشمال نهضة لا سابق لها. في جعبتي مشاريع تنموية للمنطقة لا يستطيع أحد أن يرفضها، مثل مشروع التاكسي- تلفريك لكل الشمال، وهذه رصيد للمنطقة وأبنائها وليست لي أو لجعجع. وأيضاً إنهاء احتكار مرفأ العاصمة فنوزع الأشغال على مرافئ الشاطئ اللبناني بحسب الحاجة في كل منطقة، صور وصيدا وجونية وطرابلس وغير طرابلس. كل الشمال كان سيستفيد من عملية الإحياء تلك.