سعيد الحمد

لم تتعرض قناة الجزيرة لانكشاف كما تعرضت له خلال الشهور الثلاثة الاخيرة، سقط فيها القناع وظهر دورها الحقيقي الخطير الذي ضرب أول ما ضرب الشعب القطري في علاقاته مع اشقائه ومع العرب بعد ان دمرت الجزيرة هذه العلاقات ليتحمل الشعب القطري آثار دورها التدميري بوصفها «قطرية» وهي أبعد ما تكون عن ذلك..!!


والجزيرة الآن في وضع صعب ومختلف عن تجربتها طوال عقدين من الزمن اصابها فيها غرور واستعلاء فوقي ليس بوصفها قناة ولكن بوصفها سلطة وسطوة «لا تقل كما اعتبرت نفسها» تماما كما الدول الكبرى في العالم، صانعة قرار «مع او ضد» وهذا الغرور أودى بها للتمادي في اللعبة، والشيئ اذا زاد عن حده انقلب الى ضده كما تعلمنا ولم تتعلم الجزيرة حتى صدمت حد الذهول بما آلت إليه.
وبنفس التكتيك والوسيلة التي اعتمدتها لما يزيد عن عشرين سنة وهي الهجوم على الجميع، فقد اعتمدت ذات الاسلوب وذات التكتيك في دفاعها عن نفسها وقد انكشفت، فاعتمدت الهجوم خير وسيلة للدفاع وهو التكتيك التقليدي المتآكل والقديم، فزاد تخبطها وطاشت سهامها وأخفق هجومها بوصفه دفاعا.
وها هي تتوكأ على ثلاث منظمات لا وجود لها وعلى تقارير مزعومة ومفبركة بشكل بليد وغبي لتنال من مصداقية البحرين التي ثبت على العالم مكالمة تورط فيها حمد بن جاسم رئيس الوزراء السابق مع قيادة المؤامرة الانقلابية في البحرين، وهي فضيحة وسقطة مدوية سارعت الجزيرة لاحتوائها كما توهمت باختراع ذلك التقرير «الحقوقي» المجهول المصدر والمزيف مضمونا لتورط نفسها في سقطة اعلامية لا تتحملها اوضاعها المتراجعة والمتلخبطة بدليل مثل هذه التقارير التي تكشف اللعبة اكثر منها محاولة انقاذ للجزيرة ولمن يعز عليه ما وصلت إليه أمورها خلال الفترة الأخيرة.
الجزيرة الآن كمن يحاول الاختباء خلف اصبعه فهي تزيد طين اوضاعها بلة، وهو اسلوب كل من اصابه غرور العظمة وافتتن بنفسه حد الهوس فضاقت به اوضاعه ولن يجد في مثل سيكيولوجيته المغرورة حد النزق سوى الاستغراق في مواجهات خاسرة، هي ما يطلق عليه المواجهات الانتحارية على طريقة بيدي لا بيد عمرو...!!
ولأن «عمرو» ليس خليجيا ولا يفهم الروح الخليجية وخصوصيتها راح ينتحر بالجزيرة على الطريقة الفضائحية التي نتابعها كل يوم.
وبالنتيجة الواضحة للعيان الجزيرة تقتل نفسها اعلاميا ومهنيا، وهو ما قد بدأته منذ فشل وسقوط ما يسمى بالربيع العربي الذي راهنت عليه الجزيرة بكل أوراقها وأسلحتها الاعلامية الجرارة ولعل إقالات واستقالات مجموعة كبيرة من نخبة البارزين فيها كانت مؤشرا من مؤشرات أزمة الجزيرة التي بدأت تختنق بالحبل الذي أرخته لغيرها فالتف مع انهيار مشروع ما سمي بالربيع العربي حول عنق الجزيرة، فقفز من سفينتها التي بدأت تغرق مجموعة لاذت بالفرار من المصير المحتوم فنفذت بجلدها مبكرًا فيما ظل آخرون حتى الآن، ولا ندري كيف ومتى سيقفزون من السفينة.
وكثيرون ممن استقالوا من الجزيرة استداروا عليها وانقلبوا ضدها وكشفوا بعض ألعابها وآخرون استقالوا لكنهم تركوا بينهم وبينها خطوط رجعة مفتوحة، وبين من استدار عليها وبين من ترك الباب مواربا للعودة تنشغل الجزيرة عن ذاتها بذاتها المأزومة ولا تجد إلا أن تختبئ خلف إصبعها.