سمير عطا الله

 عشرون عاماً على مقتل أميرة بلاد الغال في حادث سيارة تحت جسر باريسي. عشرون عاماً من الأسئلة: حادث قدري أم متعمد؟ مؤامرة أم مصادفة؟ هل قتلت لأنها كانت تريد الزواج من شاب مسلم يدعى عماد الفايد؟ هل كان الفايد حبها الحقيقي أم طبيب باكستاني وسيم؟ هل ظلمها زوجها، تشارلز، أمير بلاد الغال؟ هل دبر دوق أدنبره، المؤامرة؟

إذا عرف العالم ذات يوم القاتل الحقيقي لجون كيندي، سوف يعرف العامل الحقيقي في مقتل ديانا. الناس تصنع الأساطير وترفض أن تحولها إلى حقائق. الحقيقة صغيرة وبسيطة ولا تليق بالمشاهير. فلو كانت قتيلة جسر ألما امرأة عادية لانتهت الحكاية في تقرير عادي للشرطة.
لكن القتيلة كانت مورد رزق يومي لصحف العالم وقنواته ومصوريه. وكان ذهابها إلى النادي الرياضي قبالة القصر صورة الصفحة الأولى. والرحلة على يخت عماد الفايد صور جميع الصفحات في «الديلي ميل». حتى «الديلي تلغراف» دخلت في السباق. وصار طباخ ديانا أشهر من أنطوني هوبكنز، وسائس الخيل في الإسطبل يبيع مذكراته بسعر أغلى من مذكرات تشرشل.
كانت ديانا أسطورة تكبر كل يوم. وكانت تلعب الدور ببراعة كيداً لزوجها الخائن، والناس حول العالم تنقسم من حولهما. وملايين الرسائل تكتب في تأييدها وردّ الهزيمة عنها. وبعدما كان عماد الفايد شاباً ثرياً وخجولاً إلى حد بعيد، راح يعتاد مشاركة ديانا الأضواء. وتنفس والده محمد الفايد ملء رئتيه: التاج البريطاني الذي رفض منح الجنسية، سوف يصبح غداً شريكه في المصاهرة.
لكن المأساة حطت دفعة واحدة بثقلها وغموضها. مثل نهاية شباب كيندي، مثل نهاية شباب مارلين مونرو، مثل شباب جون لينون (البيتلز) في حديقة نيويوركية. وبقيت الأسطورة تتجدد. الناس ترفض الحقائق لأنها صغيرة. الخيال أكبر وأكثر ألواناً: ها هي مدرِّسة روضة (أبلة) تتزوج من أمير بلاد الغال، ويمشي في عرسها العالم. ثم فجأة يدخل الملل ومعه النفور. ويعود تشارلز إلى حبه الأول كما في الأفلام. وتتحرك كاميرات العالم للملاحقة: أكشن! السينما والحياة. والت ديزني ومؤثراته الصوتية. والدة وريث عرش بريطانيا سوف تتزوج شاباً مصرياً.
عاشت في الأسطورة وغابت فيها. عشرات الكتب والمقابلات والأفلام الوثائقية في ذكرى عقدين على غياب «ملكة القلوب»، سابقاً زوجة أمير ويلز، سابقاً، الأبلة ديانا.