سمير عطا الله

ليس من العدل أن أخاف، أنا القاطن أوروبا، نوبات الصواريخ التي تنتاب كيم جونغ أون، في كوريا الشمالية. لكن الحقيقة أنا لا أخشى صواريخه «المضبوطة»، بل التائه منها. ففي كل سرب من سبعة، يخطئ صاروخان طريق الهدف. تخيل صاروخاً موجهاً إلى بحر اليابان يسقط في طوكيو.

ارتعدت اليابان قبل يومين، عندما قرر أون المبجل أن يقذفها بصاروخ مع فطوره الصباحي: جرة حليب اشتراكي، وخابية عسل شيوعي، والمجد لجدنا كيم إيل سونغ. فاليابان لم تنس بعد قنبلة هاري ترومان التي رمدت هيروشيما. 

وماذا يمنع صاحب المفرقعات النووية هذا من أن يخطر له في الأسبوع التالي رشق ثلاثة صواريخ، واحد منها فوق هيروشيما أو ناغازاكي؟ ثم يقف للصورة التذكارية مع قادته العسكريين وهم يضحكون. ما الذي يُضحك هذا الرجل؟ هل في الصواريخ دعابة لا يفهمها العالم؟

الذي يضحك كيم ملء شدقيه وأوداجه، أن اللعبة التي تهز العالم مع كل فطور، تزكزك خواصره. فكل قوة أميركا لا تستطيع أن ترد عليه برصاص مطاط. إن هي فعلت، سوف تشعل حرباً سوف تدمر حليفتها الجنوبية قبل الشمال ومفرقع الصواريخ، وسوف تلوث فضاء اليابان، وسوف تفتح باب العداء مع الصين، وسوف تعطي روسيا الذريعة لإثارة المظاهرات ضدها حول العالم.

وكيم جونغ أون الفارط الذكاء، كما هو واضح في منفوخاته، يعرف كل ذلك. ويعرف أنه مع كل صاروخ يرتفع سعر الذهب وتهبط أسعار الأسهم، فيشتري هنا ويبيع هناك، ويضحك، وينادي على ضباطه يأتونه بالمنظار المكبّر، ويستدعون مصور الضحكات.

أول أفلام جيمس بوند (1962) كان عنوانه «الدكتور نو». وهو يروي حكاية رجل موتور يخطط لتدمير مشروع الفضاء الأميركي قبل إطلاقه. ويسعى إلى التنفيذ من جزيرة معزولة في البحر الكاريبي. بالإضافة إلى عرض مهارات جيمس بوند ونسائياته، يصوّر الفيلم حالة مَرضية وافتناناً بالتدمير والخراب. ولم يكن الدكتور نو ضاحكاً؛ لأنه يدرك فظاعة ما يخطط له.

لكن الرفيق كيم لا يكف عن الضحك، ولديه نكتة واحدة لا تجيد مخيلته سواها: صواريخ الفطور. وحينما تنفجر، فلتنفجر، فمرآها يساعد المبجل على هضم الفطور الثقيل واليورانيوم المشبع. بلد جائع يحتفل بسعادته بفرقعة الصواريخ في وجه أهم ثلاث تجارب اقتصادية: أميركا، واليابان، وجنوب البلاد.