كارولين عاكوم

أكد وزير الاقتصاد والتجارة رائد خوري أن الحكومة اللبنانية لن تسقط رغم انقساماتها انطلاقا من اتفاق كل الأطراف على ترك الخلافات جانبا والعمل على ما يجمعها لصالح لبنان والشعب.

ورفض الوزير اتهام «حزب الله» بأنه حاول قطف انتصار الجيش في معركة الجرود، مشيراً إلى استمرار التهديد الإسرائيلي للبنان ومطالباً بالتالي بالإبقاء على ثلاثية «الجيش والشعب والمقاومة».

وبعد الانتقادات التي وجّهت إلى «حزب الله» على خلفية الاتفاق الذي عقده مع تنظيم داعش وأدى إلى إنهاء الجيش معركته ضد التنظيم، دعا خوري المحسوب على «التيار الوطني الحر»، اللبنانيين إلى «الفخر والاعتزاز بما حقّقه الجيش الذي لم يعلن عن إنهاء معركته إلا وقد حقّق الأهداف التي خاضها من أجلها».

ورأى في حديث لـ«الشرق الأوسط» أمس أن «الهدف الأهم كان تحرير الأرض والكشف عن مصير العسكريين بأقل خسائر ممكنة، وليس موت الإرهابيين ومقتل العشرات من عناصر الجيش، والاتفاق الذي توصل إليه الحزب مع داعش أتى في المرحلة الأخيرة من المعركة بعدما كان التنظيم شبه ساقط». وأضاف: «الجيش الذي خاض المعركة بقرار من رئيس الجمهورية وقائد الجيش ربحها حتى النهاية، وهو القرار الذي عجزت ولم تتجرأ على اتخاذه الحكومة السابقة، وأثبت خلالها قدراته وقدرات عناصره على مواجهة تنظيم فشلت دول عدة على مواجهته».

وأكد أن «حزب الله» لم يكن لديه أي تدخل في معركة «فجر الجرود» من الألف إلى الياء رغم أن الحزب كان قد أوحى عكس ذلك، مضيفا: «الجيش تولى المعركة في الجهة اللبنانية، بينما كان تعاون الحزب عبر المعركة التي خاضها على الجهة السورية في القلمون الغربي، وبالتالي علينا أن نفخر بالجيش وليس التشكيك به».

وفي رده على الدعوات المطالبة بضرورة العمل على سحب سلاح «حزب الله» والتخلي عن «معادلة الجيش والشعب والمقاومة» بعدما أثبت الجيش أنه قادر على المواجهة وخوض معارك مهمة، قال خوري: «هذا المطلب غير منطقي الآن، ونحن نعيش في منطقة تعيش على صفيح ساخن نتيجة التهديدات الإرهابية من جهة؛ والتهديدات الإسرائيلية من جهة أخرى، وهي التي تحتاج إلى تعاون كل الأطراف، وقد أثبتت المقاومة إلى جانب الجيش، دورها وأهميتها في هذا الإطار».

وقال إن «عدد وزراء حزب الله في الحكومة ليس أكبر من عدد أي حزب آخر، والقرارات التي تتخذ يتم إقرارها بالتوافق بين الجميع. وعلى العكس؛ الحزب يلعب اليوم دور الوسيط بين الأفرقاء».

من هنا، ورغم الانقسامات والخلافات التي ظهرت بين أفرقاء الحكومة وما نتج عنها من مواقف تصعيدية كان آخرها تلك المتعلقة بصفقة «حزب الله» و«داعش»، لا يرى خوري أن هذا الأمر من شأنه أن يؤثر على مصير الحكومة، عادّاً أن المواقف لا تعدو كونها سياسية، وأنه ليس من مصلحة أي طرف الآن إسقاط أو اهتزاز الحكومة التي ستستمر بناء على الاتفاق فيما بين الجميع على ترك الخلافات جانبا والعمل على ما هو جامع والعمل لمصلحة الشعب، مضيفا: «لا أعتقد أن هناك بديلا أفضل، كما لا يمكن لأي حكومة أن تنجز ما تنجزه هذه الحكومة».

وفي ما يتعلق بالوضع الاقتصادي اللبناني، والتخوف من انعكاس الزيادة التي أقرت على رواتب القطاع العام وما لحق بها من زيادة في الضرائب، لا ينفي خوري أن هذه الإجراءات قد تؤدي إلى تضخم في الاقتصاد، لا سيما أنها أقرت قبل إقرار الموازنة وليست ناتجة عن نمو اقتصادي حقيقي، رغم أن تصحيح الرواتب كان محقا، مضيفا: «المشكلة هي أن إقرار الزيادات والضرائب جاء من دون خطة اقتصادية، ونتائجها ستنعكس على قطاعات عدة، لا سيما في القطاع الخاص، الذي ستطاله الضرائب كما ارتفاع الأسعار من دون أن يحصل على زيادة في الرواتب».

وحذر خوري في الوقت عينه من استغلال المواطن ورفع الأسعار بطريقة عشوائية، مشددا على أن الوزارة لن تسمح بأي ممارسات استغلالية لتحقيق أرباح غير مشروعة على حساب المواطن، وأنها ستتخذ العقوبات المتاحة بحق المخالفين.

وكان المجلس الدستوري علّق أول من أمس قرار زيادة الضرائب بعد تقديم طعن من قبل 10 نواب بدعوة من رئيس حزب الكتائب سامي الجميل، ودعوة بعض الوزراء إلى التوقف عن استيفاء الضرائب، وهو الأمر الذي نتج عنه ارتباك في الأسواق اللبنانية.

وأكد خوري أنه ورئيس الحكومة سعد الحريري اتخذا قرارا بوضع خطة ورؤية اقتصادية واضحة لتشجيع بعض القطاعات والاستثمار، مشيرا إلى تشكيل لجنة وزارية للبحث في وضع خطّة شاملة للبنان متوسّطة وطويلة الأمد، تحددّ هويّة لبنان الاقتصاديّة، وتعمل على وضع أسس اقتصاديّة ثابتة عابرة للحكومات، لافتا إلى أن التحدّي الأكبر هو تفعيل القطاعات المنتجة وزيادة الإنتاجيّة؛ وبالتالي زيادة حجم الاقتصاد.