سليمان العيدي

أبارك لهذه الدولة باكورة نجاح موسم الحج لهذا العام، وأبعث تهنئة لكل مسلم أدى الفريضة، ووقف في عرفات، وعاش فرحة العيد، لقد كنت بتوفيق الله أحد مَنْ منَّ الله عليه بشهود يوم عرفة والوقوف مع جموع الحجيج وسط منظومة متكاملةٍ من الخدمات التي أشرف عليها خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده ـ وفقهما الله ـ للتأكيد على حرصهما على نجاح كل مرحلة من مراحل تفويج وتصعيد ونفرة الحجاج بكل أمان ويُسْر.


وقد أتيحْت لي هذا العام فرصة أن تكون هذه الزاوية تتناسب وأيام العيد السعيد بعد أن وقف ضيوف الرحمن في المشاعر المقدسة منى وعرفات ومزدلفة، وكان مشهد الحج بحمْد الله انسيابياً، تَحْدوُه عناية الله فرحاً إلى هذه الديار المباركة بتوفيق من الله ـ عز وجل ـ لكل حاج، لكنني حرصت هنا أن أسجل مشُاهداتي خلال هذا الموسم العظيم والنجاحات التي رافقتْه على مختلف الصُعُّد والمجالات، هذا العام بالتأكيد شهد زيادة في أعداد الحجاج من الخارج بنسبة 32 %، وما يقارب 413 ألف حاج كلهم حظوا بقضاء يوم عرفة ويوم النحر والوقوف عند المشعر الحرام بمزدلفة رافعين أيديهم إلى الله ـ عز وجل ـ أن يتقبل حجهم، ومن اللافت في حج هذا العام التطور الكبير في رقعة المشاعر بافتتاح عدد من المشاريع، وأهمها طريق المشاة المغطى من عرفات إلى جسر الجمرات، مُزوّدا بكافة الخدمات من دورات المياه والمظلات على مدى مساحة الطريق والتشجير وصنابير المياه من ماء زمزم، بينما هناك برنامج افرح كثيراً كنت ممن شاهده هذا العام، وهو إطلاق التطبيق عبر المطارات ومراكز التوعية، وهو أجهزه تحملُها على الجوال لتأخذ المعلومات الدينية الصحيحة، وكأن المفتي إلى جوارك، ولقد أحسنت الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في هذا التطور التقني الذي أراح كثيراً من الحجاج منذ وصولهم إلى مطارات المملكة، وكذلك دار الإفتاء ووزارة الشؤون الإسلامية وغيرها من أجهزة الدولة التي تشارك في التوعية بالحج الصحيح والعبادة الخالصة من البدع.


رأيت أيضاً على جبل ثور رجال الهيئات مع التقنية وتصوير الأماكن وتوضيح ما يحملُ ذكرى كل حاج عن بلاد الحرمين، فشكراً لجهود هذه الدولة وقطاعاتها المختلفة، ورسالة حق أنقلها إلى كل مسؤول أنكم جعلتم من الحج عبادة وثقافة، وتوْعيتكم أثمرت في نجاح الحج الصحيح لكل مسلم قطع المسافات البَعيدة حتى يصل إلى ديار الحرمين، أما مشاهداتي عن رجال الأمن وخدماتهم، فلكم أن تتَصّوروا رجل أمن يحمل مُسّنًا بين يديه أثناء رمي الجمرات، ويسقي الآخر، ويحمل ثالث طفلاً، فجزاهم الله خيرًا عما يقدمونه إلى جانب حرصهم على الأمن وراحة الحجاج، وغير هذا يحدث في القطاعات الحكومية والخدمية الأخرى كالصحة والأمانات والإعلام في تنافس شريف يرتقي بمنظومة الحج كل عام عن ذي قبل.


إن مشاهداتي تعجز عن وصف ما رأيت ورأى غيري من تفنن في الخدمة وتنوعها، وبقي لي أن أشكر خادم الحرمين الشريفين ـ وفقه الله ـ على برنامجه السنوي باستضافة آلاف الحجاج على نفقته الخاصة، والتي أُعلن عنها هذا العام، وكان آخرها استضافة الحجاج القطريين الذين وصلوا وانضموا إلى هذا البرنامج المبارك، والذين نقلوا من خلاله شكرهم لقيادة هذه البلاد على هذه اللَّفتة الأبوية والحانية على أشقائنا في كثير من بلاد العالم الإسلامي مثل فلسطين والشهداء من القوات المسلحة بمصر والسودان وقطر، وهو أمر يُدعى فيه لهذه البلاد ولقيادتها، وتقبل الله من الحجاج حجَهَّم، وكل عام وأنتم بخير.