عبدالمحسن يوسف جمال 

 روسيا في عهد الرئيس بوتين تختلف عن روسيا ما قبله، وتختلف عن أواخر أيام الاتحاد السوفيتي.
روسيا اليوم اقتربت من المياه العربية الدافئة، فلأول مرة يشهد العالم وهو «صامت» إقامتها قواعد عسكرية ثابتة على الأرض العربية.
وهي اليوم أصبحت شريكة العرب في دراسة مشاكلهم وايجاد حلول سياسية لها، وتكون هي جزءا من هذا الحل وبموافقة «اجبارية» من الولايات المتحدة وأوروبا.
تعاون الروس مع سوريا وإيران والصين، ونوعا ما تركيا، أعطاها بُعداً آخر يجعل منها دولة ذات نفوذ بالشرق الاوسط الجديد والذي أخذ يتشكل بقوة السلاح ومحاربة الإرهاب.
ولقد كان لافتاً زيارة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف للكويت ولقاؤه صاحب السمو الأمير ودعمه مبادرة سموه في الازمة الخليجية، وهي الازمة التي إن طالت أكثر فإن تفاعلاتها قد تؤثر في الوضع الدولي متخطية الوضع الاقليمي.

لذا، فإن التأييد الروسي لايجاد حل سريع يعطي رسالة للخليج بأن الروس يتطلعون إلى الوضع الخليجي بنفس الاهتمام الذي تبديه الدول الغربية، خصوصاً بعد تواجدهم في الاراضي السورية والتي تتفاعل الأحداث فيها مع الاوضاع العربية بشكل عام.
ومع تعافي النظام السوري وقدرته بالتعاون مع الروس على اعادة السيطرة على مساحات كبيرة من الأراضي التي كانت تحتلها القوى المعارضة ــــ والمصنف بعضها في الامم المتحدة كقوى إرهابية ــــ سوف يعطي نفوذاً متراكما لروسيا في الواقع العربي الجديد، والذي يجب أن يدرس ويؤخذ بعين الاعتبار من قبل الدول العربية.

فروسيا بعد تعافي سوريا وإنهاء الصراع المسلح فيها ستكون ذات نفوذ قوي في منطقة لطالما كانت تحلم بالتواجد فيها منذ زمن القياصرة.
وها هو الانقسام العربي وظهور القوى الإرهابية وهزيمتها، يحقق للروس هذا الحلم.
وإذا استمر تعاونها مع الإيرانيين بهذا الزخم الذي تم على الاراضي السورية فإن حلمها الآخر، وهو التواجد على الخليج العربي، لن يكون بعيداً، مما يتطلب اهتماماً خليجياً عميقاً بالسياسة الروسية الجديدة.