مشاري الذايدي

نحن في حرب، بل حروب، متداخلة؛ من العراق لسوريا، مروراً بلبنان، ثم ليبيا... ومن مكان بعيد اليمن.

في هذه الحروب، ثمة حروب خاصة داخلها؛ طائفية، وحزبية، وجهوية، وعائلية، ومنافعية، وإقليمية، وقومية، ونفطية، ودولية.

هذه الحرب، خصوصاً السورية، استغرقت أكثر من 6 سنوات، وهذا ما لم يتوقعه أحد في البدايات، حيث كان مقدراً أن يكون مصير بشار كمصير بن علي تونس ومبارك مصر، لكنه تجاوز ذلك، وتجاوز حتى مصير اليمني علي عبد الله صالح، الذي ظل مصيره عقدة المنشار في القضية اليمنية كلها، بعد توفير المخرج السياسي له، الذي صار لاحقاً باباً دوّاراً للعودة للسلطة اليمنية.

بشار الأسد، ونظامه تحديداً، فيه مآرب للدب الروسي والضبع الإيراني، وكانت رافعتهم في ذلك قتل المعارضة السورية، التي بدأت شعبية سلمية، ثم تعسكرت المعارضة على يد «النصرة» - «القاعدة» - بعد نحو نصف سنة من بطش النظام وتبريرات نصر الله وخامنئي وتسويفات بوتين، وخطب أوباما الجوفاء.

لن نتحدث عن هذا الأمر كثيراً، بل عن آثار هذه الحرب على التناغم الاجتماعي السوري، وكيف يتفاعل معها المجتمع، أعني غير المسيّس، فسوريا ليست كلها رموزاً سياسية معارضة أو وزراء وجنرالات وأمراء حرب وزعماء ميليشيات؛ شيعية أو سنية؛ بل هناك أشخاص لا علاقة لهم بالسياسة، وهم في الوقت نفسه شخصيات عامة؛ نجوم فن ورياضة، مثل اللاعب السوري النجم في الدوري السعودي، هداف النادي الأهلي السعودي، عمر السومة، ونجم المنتخب السوري.

السومة (سجل للفريق السوري) كان له أثر بالغ في تأهيل منتخب سوريا ضد إيران في تصفيات كأس العالم الروسية، وعلق بعد ذلك شاكراً السوريين، وذكر اسم بشار الأسد.

مجرد ذكره اسم بشار أثار عليه عاصفة غاضبة من النقد؛ إذ كيف، وهو ابن دير الزور، يثني على رأس نظام تسبب بضياع بلده وقتل وتشريد السوريين؟

لكن في الوقت نفسه، شكا الإعلام الإيراني من شراسة لاعبي سوريا معهم، ونشرت الوكالات الإيرانية، لقاء مع المهاجم الإيراني سردار آزمون، هاجم فيه لاعبي منتخب سوريا، وقال: «لا أدري لماذا يقولون: سوريا شقيقتنا. هؤلاء أهانونا في مباراتي الذهاب والإياب».

القصد من هذا السرد، هو أن نلتمس العذر لمثل السومة أو غيره من نجوم الرياضة والفن، غير المسيّسين، إن هم قالوا «كليمة» هنا أو هناك، بسبب استفحال الكارثة السورية، وتباطؤ العهد على الناس.

المشهد أكثر تعقيداً مما يبدو لنا؛ فمن جهة شكوى إيرانية ضد «لعيبة» المنتخب السوري، ومن جهة أخرى شكوى مضادة لهم.
رأف الله بالشام وأهلها.