آرليت خوري 

بعد انهيار الأحزاب السياسية الفرنسية نتيجة بروز حركة «الجمهورية إلى الأمام» بقيادة الرئيس إيمانويل ماكرون، وجد العديد من المسؤولين من نواب ووزراء وحتى رؤساء وزراء سابقين، أنفسهم في حال «بطالة» قسرية في غالب الأحيان.

سرعان ما أيقن بعضهم أن هناك فرصة ما بعد السياسة في مجال الإعلام الذي يؤمن لهم قدراً من الحضور، وإن من موقع مختلف.

هكذا قرّر العديد منهم وضع خبراته وصورته في تصرف وسائل إعلام مختلفة، إذاعية وتلفزيونية، سائرين في ذلك على خطى روزلين باشلو، وزيرة الصحة في عهد الرئيس السابق جاك شيراك. وذلك بعدما أصبحت باشلو من الوجوه التلفزيونية المعروفة والمحببة لدى الفرنسيين منذ عام 2012.

وفي مقدم الوجوه السياسية سابقاً والإعلامية مستقبلاً، رئيس الحكومة السابق جان بيار رافاران (يميني) الذي يعتزم تقديم تعليق أسبوعي في برنامج تعرضه القناة الثانية في التلفزيون الفرنسي مساء كل الأحد.

أما وزيرة الثقافة السابقة أوريلي فيليبيتي (اشتراكية) فقررت المشاركة إلى جانب غاسبار غانزير، المستشار في عهد الرئيس السابق فرانسوا هولاند، في برنامج يناقش مواضيع حدثية، تقدمه إذاعة «أرتي أل».

لكن فيليبيتي حرصت على التوضيح لصحيفة «ليبراسيون» أن دورها في البرنامج الإذاعي لا يتعدى المشاركة الدورية وأنها لم تقرّر احتراف الصحافة وإنما اختبار نمط جديد من التعامل مع الشؤون السياسية.

هنري غينو، المستشار في عهد الرئيس السابق نيكولا ساركوزي (يميني) قرر الالتحاق بإذاعة «سود راديو» حيث يطلّ على المستمعين في تعليق يومي بعدما خاض من دون أن يوفّق، الانتخابات التمهيدية لاختيار مرشح اليمين للرئاسة ثم الانتخابات الاشتراعية.

النائب الاشتراكي السابق إدواردو سيبيل اختار المشاركة في برنامج نقاشي تقدمه إذاعة «راديو نوفا» وهو على غرار فيليبيتي، أكد أنه لا ينوي احتراف العمل الصحافي وإنما اختبار مرحلة جديدة في إطار الحياة العامة.

وقرّر الناطق باسم الحزب الاشتراكي جوليان درييه المشاركة «من دون مقابل مادي»، كما قال، في برنامج سياسي تقدمه قناة «إل سي أي» الإخبارية، للإدلاء بوجهة نظره انطلاقاً من انتمائه السياسي.

وكانت الناطقة باسم حركة «فرنسا غير المنصاعة» (أقصى اليسار) راكيل غاريدو حققت مفاجأة فعلية بحضورها المؤتمر الصحافي لرئيس الحكومة ادوار فيليب والتوجه اليه بسؤال بالغ الاستفزاز خلال عرضه مراسم اصلاح قانون العمل، وذلك بعد انضمامها الى قناة «سي 8» التلفزيونية حيث تقدم برنامجاً سياسياً. وأشارت غاريدو الى انها تسعى عبر اطلالاتها الإعلامية الى الترويج لمواقف حركتها وشرحها.

هذا الخلط بين المجالين السياسي والإعلامي، كان موضع شجب من قبل بعضهم، كونه يعزز الإبهام في علاقة الإعلام بالسياسة، كما يعزز شكوك المواطنين في موضوعية الإعلام وحياده.

ولا شك في ان الأسابيع المقبلة ستتيح تقييم الحضور المستجد للسياسيين على الساحة الإعلامية، اما من الناحية القانونية فإن حصولهم على بطاقات من نقابة الصحافة، يتوقف على مدى توافر الشروط المطلوبة لذلك لديهم ومنها ان يكون العمل في الإعلام مصدر دخلهم الوحيد. وبالتالي، سيكون بوسعهم الاستفادة أسوة بسواهم من الصحافيين، من خفض سنوي مخصص لهم في ضريبة الدخل.