ثريا شاهين

يبدأ رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري غداً الإثنين زيارة رسمية لروسيا، حيث تتركز المحادثات مع المسؤولين الروس على سبل تطوير العلاقات السياسية والإقتصادية والعسكرية والثقافية، فضلاً عن التشاور السياسي حول مختلف القضايا المطروحة.

ولاحظت مصادر ديبلوماسية، أن زيارة الحريري لموسكو تأتي بعد زيارتين مهمتين له، لكل من واشنطن وباريس.

وتعد حالياً موسكو أحد مراكز الثقل في القرار الدولي، بعدما استعادت دورها الإقليمي والدولي. ومن المفيد للبنان شرح مواقفه إزاء كل ما يحصل في أوضاعه لاسيما تلك التي تتأثر بالوضع الإقليمي، ولدرء مخاطر ما قد يتعرض له لبنان نتيجة التسويات الكبرى، بحيث أن أي تسوية عندما يحين أوانها يجب ألا تكون على حساب لبنان ومصلحته. ويهم لبنان الحفاظ على التواصل مع روسيا ومع الولايات المتحدة في آن معا. 

وأوضحت المصادر القريبة من موسكو، أن الحوار على المستوى السياسي، ثابت بين المسؤولين اللبنانيين والقيادة الروسية، وأن التفاهمات تبني في العلاقات الثنائية على تاريخ حين كانت هناك قواسم مشتركة، وروسيا معنية بتطوير العلاقات خصوصاً في هذه الظروف لاعتبارات حضارية، إذ إن التوجه نحو نظام عالمي جديد أساسه توفير الأمن والسيادة لكل دول العالم، والأمر لا يتعلق بحجم الدولة بل بمبدأ السيادة في المجتمع الدولي. وثمة تقارب في وجهات النظر بين روسيا ولبنان حول ما يحدث على الصعيدين الدولي والإقليمي، وثمة ايضا مستوى عالٍ من التفاهم. ذلك أن الموقف الروسي معروف النهج وسيتبلور مع الموقف اللبناني بتوافق بين الحكومتين.

وروسيا، بحسب المصادر، تسعى إلى الحل السياسي في سوريا وإلى مكافحة الإرهاب.

وأكدت المصادر، أن روسيا تقدر الجهود اللبنانية لتحرير الأرض، ما يساهم في التفاهمات في المواقف، وستستمع إلى القراءة اللبنانية لتطورات الوضع الإقليمي والسوري. وأشارت المصادر القريبة من موسكو، الى أن موقف روسيا لا يزال نفسه حيال الوضع السوري وهي تريد إحراز تقدم نحو التسوية السياسية، ويفترض أن تساعد التطورات الميدانية الحوار السوري، وتنفيذ القرار ٢٢٥٤، حول الحل في سوريا، ومواصلة الجهود لإجراء الإصلاحات والإنتخابات. وهذا الموقف ينسجم مع مواقف الأطراف الأساسية الإقليمية والدولية، بما في ذلك لبنان. وتدرك روسيا تماماً أن تطوير الأوضاع في سوريا، يتيح المجال لبدء الحلول لقضايا اللاجئين، والنزوح، ومن ثم مرحلة إعادة الإعمار في سوريا، وهذه مسألة مهمة لكل الأطراف.

وهناك استعداد روسي للحديث عن المساعدات للدول المضيفة للنازحين ولتحريك موضوع عودة هؤلاء إلى بلدهم، لأن ذلك قضية جوهرية بالنسبة إلى لبنان والجميع يدرك هذا الأمر. وموقف الأمم المتحدة معروف بشأن عودة اللاجئين وكذلك دول الغرب، لكن روسيا تقول بضرورة التعاون مع النظام السوري والدولة السورية في كل القضايا، وخصوصاً قضية النازحين. الا أن لبنان يطلب من الأمم المتحدة والمجتمع الدولي حل هذه القضية وهو يتبع سياسة الحياد عن الأزمة السورية، وهنا يتمايز عن موقف روسيا. 

بالنسبة إلى الوضع اللبناني، تقول روسيا بضرورة إستثمار الانتصار في مكافحة الإرهاب، بالانتقال السريع لإيجاد الحلول للقضايا الداخلية، والتعاون في إطار الحكومة ومؤسسات الدولة. وتتمنى توحيد الجهود اللبنانية كافة لتعزيز التطوير الإقتصادي وتثبيت الأمن والاستقرار الداخلي. ويجب تجاوز كل الاعتبارات الإقليمية برفض الفتنة، لأن إشعال الفتن طريق إلى المأزق، اما التفاهم طريق نحو الاستقرار. 

وأفادت مصادر ديبلوماسية، أن الحريري والوفد الوزاري المرافق سيناقشون في موسكو التعاون في المجالات كافة وذلك يعطي دفعاً جديداً للعلاقات الثنائية في إطار بناء الجسور نحو المستقبل، وقد يتم التوقيع على وثائق للتعاون الثنائي. ومن المهم مشاركة شركات روسية في المشاريع الكبرى المطروحة في لبنان خلال المرحلة المقبلة، إذ إن هناك اهتماماً روسياً كبيراً بالاستثمار في قطاعات النقل، والمرافئ، والغاز والنفط في البحر. كما سيتم العمل للتشجيع على زيادة التبادل التجاري والاستثماري بين البلدين وكذلك التربوي والثقافي.

ثم هناك التعاون العسكري، والموقف الروسي معروف، بحيث أن موسكو تريد الأمن والاستقرار للبنان، وأن تتطور قدرات القوات المسلحة اللبنانية على نحو جيد. أما الخطوات العملية فينتظر أن تتبلور من خلال المحادثات ولاسيما أن موسكو قدرت عالياً إلحاق الجيش الهزيمة بـ«داعش» في معركة «فجر الجرود».