فاتح عبد السلام

جملتان كانتا مركز كل الذي كتبته في الشأن العراقي عبر آلاف المقالات في هذه الزاوية منذ نيسان ٠2013٣ وحتى الآن ، هما( الهوية العراقية التي تحمي الجميع ، والدولة المدنية التي تقينا من مخاطرالطائفية والدولة الدينية)، أراهما اليوم مرة واحدة في الاسباب الأساسية التي تدفع اقليم كردستان العراق الى اجراء الاستفتاء على استقلال الاقليم وامكانية الانتقال به الى دولة مستقلة عن العراق .

قبل أن نذهب الى آراء المؤيدين وآراء المعترضين وهي طويلة وعميقة ، علينا أن نتوقف عند التحول الخطير المباشر مرةً وغير المباشر مرات الى حالة الدولة الطاردة للمواطنة كمفهوم بناء وتجسير نحو صناعة المستقبل .

هل تحققت الدولة المدنية التي تقطع الطريق على مشاريع نامية بغزارة في المجتمع وبنية الدولة تحت أسباب شتى ، منها اعلاء شأن الديني في الشأن السياسي المختلف عليه، ومنح القدسية لمسميات ظرفية في البناء السياسي والعسكري على حساب البناء الوطني والعسكري الدائم .

لم تتحقق الدولة المدنية ، ولم يكفل الدستور العراقي الزام السياسيين بكل مسمياتهم تنفيذ شرط قيام الدولة المدنية الحافظة للحقوق الدينية والشخصية والحريات العامة ، والتي تنبع منها الحالة الديمقراطية الصحيحة المفضية لتداول السلطة وليس تداول اللعب بها وعليها وفيها ومنها وبها .

الخوف في العراق ، من استحواذ الخاص على العام ، ومظاهر ذلك ان الفساد في البد لم تشهده بلدان الارض منذ خلق الله البشرية وأرسل اليهم أنبياءه ورسله .

الفساد الذي يجري محاربته بطريقة تقليم أظافر الوحش ثم تلوينها بكل لون براق مع ابقاء سلاح القتل وانخر والتدمير بيد ذلك الوحش الذي تمت عملية تقليم اظافره في نشرات الاخبار، وهو في الواقع يسترخي في صالون حلاقة راق ، وأصابعه مقلمة الأظفار على الزناد .

لا استقرار في العراق ، من دون دولة مدنية راسخة وصارمة القوانين ، وهي حالة ليست غائبة عن المشهد الآن ، لكن تبدو صعبة المنال ، في ظل قهر الشعور بالمواطنة الجامعة وتبديد فرص تثبيت التعايش السلمي ، خارج النعرات القومية والمذهبية والدينية والعشائرية والمناطقية .