حسين شبكشي

 لا تحظى أي شركة بمتابعة شعبية عريضة كما تحظى شركة «آبل» في مؤتمرها السنوي، الذي انعقد منذ يومين... هذا الحدث السنوي الكبير الذي يعد احتفالية تسويقية وترويجية لمنتجات الشركة الجديدة، إلا إن المؤشرات والأدلة كافة تؤكد كما لو أن مؤسس «آبل» الراحل ستيف جوبز لا يزال هو الذي يدير «آبل» لليوم. بمعنى آخر؛ المنتجات التي لا تزال تطلقها «آبل» على أنها منتجات «جديدة»، واقع الأمر أنها ما هي إلا نماذج مطورة لاختراعات جميعها أطلقها مؤسس «آبل» ستيف جوبز نفسه. حتى مقر الشركة الرئيسي الذي تم افتتاحه خلال مناسبة المؤتمر الكبير... هذا المبنى الذي صمم بشكل خيالي مستوحى من شكل سفينة فضاء متخيلة، وافق على تصميمه وتابع ذلك ستيف جوبز أيضاً.

وعلى ما يبدو، فإن كل ما يقوم به رئيس الشركة التنفيذي تيم كووك هو الإبقاء على شركة «آبل»؛ أي أشبه بقبطان الطائرة الذي يبقيها على الارتفاع المحدد (Auto - pilot).
عملاء «آبل» ومساهموها أصابهم الملل من عدم وجود «الجديد المختلف». وقد كان رد فعلهم واضحاً في اليوم التالي لإطلاق هواتف «آيفون» الجديدة والنسخة المطورة من تلفزيون «آبل»؛ إذ هبط سهم «آبل» في تداولات الشركة في السوق المالية، مما عدّه المحللون تصويتاً مالياً بعدم الثقة والارتياح، هذا رغم وجود مزايا تقنية مهمة وجديدة في موديلات الهواتف الجوالة الجديدة من «آبل»، إلا إن هناك إحساساً بأن الإثارة التقنية المقبلة منبعها ليس «آبل»؛ بل شركات مثل «فيسبوك» و«أمازون» و«غوغل»، والخوف أن يصيب الترهل والملل والرتابة «آبل» كما أصاب «مايكروسوفت» من قبلها.
هناك تحد مالي كبير لدى «آبل»، فليس سراً أن هناك هدفاً داخلياً يصر عليه مجلس الإدارة والفريق الإداري التنفيذي في الشركة، وهو أن تكون «آبل» أول شركة في التاريخ لديها قيمة سوقية تفوق التريليون دولار أميركي، وهو مبلغ فلكي أسطوري، إلا أن «آبل» تصر على الوصول إليه، وتعتقد أنها قادرة على ذلك.
التحدي هو كيف ستتمكن «آبل» من فعل ذلك دون إطلاق منتجات جديدة بالكامل وبعيداً عن الاعتماد على موديلات جديدة من منتجات قديمة؟ من المعروف أن «آبل» لديها بعض الاختراعات التي لم تطلق بعد، مثل السيارة ذاتية القيادة، التي لا تزال في طور التطوير، وكذلك سماعات الترجمة الفورية، وغير ذلك من أدوات تحسين التواصل.
تيم كووك لا يزال أسير شبح ستيف جوبز، وهو يعيش في «جلبابه» تماماً، وهناك عمالقة كبار بدأوا يقضمون أوصالاً وقطعاً كبيرة من شريحة «آبل» في السوق، والحفل السنوي الذي يتم الاحتفاء به في «آبل» تحول إلى احتفاء بذكرى ستيف جوبز (القاعدة التي أطلقت فيها المنتجات الجديدة سميت باسم «جوبز») لأن المنتجات التي يتم الاحتفاء بها هي من أفكار الراحل.
إلى أن تطلق «آبل» جديدها؛ فحفلاتها السنوية ما هي إلا تأبين متجدد لمؤسسها الراحل.