أحمد بودستور 

هناك مثل إفريقي يقول (إذا لم يسمع الأصم صوت الرعد فإنه سيرى حبات المطر) والعالم سوف يرى قريبا ولادة دولة كردية وهو حلم قديم على وشك أن يتحقق في يوم 25/9 وهو تاريخ الاستفتاء على استقلال كردستان العراق الذي هو بداية تنفيذ سايكس بيكو الجزء الثاني.
البرلمان العراقي عقد جلسة يوم الثلاثاء الماضي وأعلن رفضه للاستفتاء داعيا رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي إلى التحرك لمنع الاستفتاء بالطرق الممكنة وهو الذي صرح في مؤتمر صحفي في مدينة الناصرية مؤخرا أنه لن يسمح بتقسيم العراق في إشارة إلى استفتاء كردستان العراق وحذر من اندلاع حرب أهلية في حال إعلان كردستان الانفصال عن العراق وهو لاشك قرار خطير سوف تكون له تداعيات مدمرة.
هناك دول إقليمية ترفض رفضا قاطعا استفتاء كردستان العراق لأنه لا يهدد وحدة العراق فقط ولكنه يهدد أيضا وحدة الدول التي توجد بها أقليات كردية وهي سوريا وإيران وتركيا وقد كان هناك تحذير شديد اللهجة من تركيا أن الجيش التركي سوف يستخدم القوة إذا دعت الحاجة لذلك في حال إصرار القيادة الكردية على إجراء الاستفتاء في موعده مما ينذر بنشوب حرب جديدة في المنطقة يكون طرفها حلف تركي إيراني من جهة وقوات البيشمركة الكردية مدعومة من دول تشجع على تقسيم الدول العربية وفي مقدمتها الكيان الصهيوني من جهة أخرى ولايخفى على أحد العلاقة المميزة بين كردستان من جهة وإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية من جهة أخرى .
إن موقف الولايات المتحدة الأمريكية من استفتاء كردستان ليس الرفض وإنما التأجيل إلى أن يتم القضاء على تنظيم كلاب النار داعش وهي فترة قد لا تطول أو تزيد عن سنة واحدة لأن داعش يلفظ أنفاسه الأخيرة وعلى وشك الانهيار .
الجدير بالذكر أن المفكر اليهودي الانجليزي برنارد لويس قدم وثيقة حول تقسيم العالم العربي الكونغرس الأمريكي في سنة 1982 وقد تمت مناقشتها والموافقة عليها وبدأ تنفيذها بتقسيم السودان إلى دولتين وقد كان الهدف من ثورات الربيع العربي الذي أطاح بعدة أنظمة عربية هو تنفيذ وثيقة برنارد لويس التي تم التسويق لها بمسمى الشرق الأوسط الكبير والفوضى الخلاقة حيث تصدر المشهد السياسي التنظيم الدولي للإخوان المسلمين كبديل للأنظمة العربية ولو نجح حكم الإخوان في مصر لكان اليوم هناك واقع آخر ولكن ثورة 30 يونيو 2013 للشعب المصري أطاحت بحكم الإخوان ولاشك أن استفتاء كردستان العراق هو إحياء لمخطط تقسيم العالم العربي الذي جرى تعديله ليكون الأكراد هم رأس الحربة في المؤامرة.
وليس التنظيم الدولي للإخوان المسلمين الذي تعرض لضربة موجعة ولكنه مازال مدعوما من دول مثل تركيا وقطر.
إن العالم العربي يمر في حالة من العجز والضعف والتشرذم وصلت إلى دول الخليج التي كانت تمثل نموذجا ناجحا للتعاون بين الدول العربية بسبب الأزمة الخليجية التي تكاد تعصف بمجلس التعاون الخليجي والأرضية والظروف مهيئة للتقسيم في كل من العراق وسوريا ولو لم تحدث معجزة لمنع تنفيذ وثيقة اليهودي برنارد لويس والذي لازال على قيد الحياة سوف يكون القادم أسوأ بكثير وسوف تعم الفوضى والحروب الطائفية التي يقوم بتنفيذها النظام الإيراني بالتنسيق مع الكيان الصهيوني برعاية أمريكية وروسية فهل يصحو العرب من سباتهم قبل أن يقع الفأس بالرأس وبعدها لا ينفع الندم والتاريخ لا يرحم الضعفاء .