زياد الدريس

فُطِر الإنسان على محبة المكان الذي وُلد فيه ولو أنه غادره في اليوم التالي من ولادته، وعلى محبة الأرض التي نشأ وترعرع فيها ولو كانت بعيدة وقاصية عن أرض آبائه وأجداده.

فحُبّ الوطن ليس من أنواع الحب الذي تذهب إليه، بل هو حبٌّ يأتي إليك.. يتسلّل إليك.

إذا كان هذا هو حال الإنسان أيِّ إنسان، مع الوطن أيِّ وطن، فكيف هو حالنا مع وطنٍ استثنائي؟!

سيسأل كثيرون: ولماذا نعتقد بأن المملكة العربية السعودية وطنٌ استثنائي؟

لا شوفينية في هذا القول، إذ يجب أن يلاحظ أولئك أني لم أقل إن المواطن السعودي إنسان استثنائي، بل قلت إن المملكة العربية السعودية وطنٌ استثنائي. ولا يخفى الفارق بين المقولتين.

حسناً، لماذا السعودية وطن استثنائي؟!

سبق أن أجبت عن هذا السؤال، لكن من غير الممل استعادة ذلك.

استثنائية السعودية تأتي من تفرّدها بخصائص أبرزها:

الخاصية الدينية: فهي مهبط الإسلام ومهد الحرمين الشريفين وقِبلة أكثر من مليار ونصف إنسان في هذا العالم.

الخاصية الجيوسياسية: فالسعودية تتمدد على الجزء الأكبر من أرض الجزيرة العربية، وعلى شواطئها المتطاولة على البحر الأحمر غرباً والخليج العربي شرقاً، لتكون حلقة ربط بين القارات الثلاث الأهم على الأرض.

الخاصية الاقتصادية: إذ تكتنز أرض السعودية أكبر مخزون نفطي في العالم، ما خوّلها منذ اكتشاف النفط في أراضيها لتكون (قِبلة) النفط في العالم.

خاصية الاستقرار السياسي: فالنظام الملكي الذي يحكم البلاد منذ تأسيسها ظل متماسكاً عبر التعاقب السلس للملوك واحداً بعد الآخر، من دون أن تتعرض المؤسسة الحاكمة لاختلالات أو نزاعات تربك المشهد السياسي المستقر فيها.

ليس من قبيل المبالغة القول إنه يندر أن تجد دولة أخرى في العالم، في كل العالم الآن، تحظى بكل هذه الخصائص الدينية والسياسية والاقتصادية مجتمعةً في كيان جغرافي واحد. من المهم التذكير بأن جزيرة العرب ظلت تاريخياً موضع تناهش ومنازعات الدول المجاورة ونزاعات القبائل المتناحرة، وأن أول وحدة سياسية بهذين الحجم والامتداد تكتنف جزيرة العرب طوال تاريخها هي الوحدة التي حققها الملك المؤسس عبدالعزيز في كيان: المملكة العربية السعودية، ويقودها الآن نحو المزيد من الثبات والتنمية الملك سلمان بن عبدالعزيز.

والآن، إذ نحتفل بمرور ٨٧ عاماً على نشوء هذا الكيان الاستثنائي، ونحن نطالع كل يوم ما يصيب بلداناً، دانية وقاصية، من تدمير وتخلخل في مفهوم الوطن واهتزاز أمنه وهيبته، فإننا نزداد خوفاً وحباً وتمسّكاً بخصائص هذا الوطن الاستثنائي ومقوّماته... الوطن الذي يجب أن نمحضه حباً استثنائياً يليق به.

كل عام، يا وطني، ونحن معك بخير.