محمد بن عبدالرحمن البشر

ظاهرة توحيد المملكة العربية السعودية على يد المغفور له الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن بن فيصل آل سعود، ظاهرة من الظواهر النادرة التي سطرها التاريخ في القرن الماضي، فقد توحدت بلاد مترامية متفككة على يد رجل واحد، دخل إلى قلبها مدينة الرياض مع نفر قليل لا يتجاوزون أربعين رجلاً، لكن قلبه المليء بالأيمان بالله أولا، ثم بقدرته على إعادة حكم آبائه وأجداده، ومن ثم توحيد المملكة وبنائها على أسس مبدية تتحلى بالعدل والخير والنماء.

الملك عبدالعزيز رحمه الله رجل قد جمع صفات عديده، أوجدت منه ذلك الطراز النادر من الرجال، فهو لا ينام إلاّ قليلا حيث إن عدد ساعات نومه من ثلاث إلى اربع ساعات على أكثر تقدير، وكان يعمل أيام الصيف الحارة جداً، في تلك الأيام التي تمتلئ فيها سماء الصحراء بالغبار والأتربة، لا يرده عن القيام بعمله شيء .

إن مجتمع يتكون معظمه من القبائل الرحل التي لا تكاد تدرك الحدود بمعناها الدولي المتعارف عليه تحتاج إلى رجل حكيم خبير يستطيع أن يجمع بين عادات هذا المجتمع وما سار عليه عبر آلاف السنين، وبين ما يتطلبه الوضع الدولي الجديد من تحديد الحدود بين الدول ورسمها واحترامها، ولهذا فقد أخذ على عاتقه المضي في ذلك بتروى آخذاً في الاعتبار كل المعطيات الجديدة .

يقول آرمسترنج في كتابه أن الملك عبدالعزيز رحمه الله كان يقول «أنا مسلم أولاً، وعربياً ثانيا، وأنا في خدمة الله»
لم يكن توحيد المملكة بالأمر السهل، فقد تطلب جهداً، وذكاء، وحنكه، ودماء، وصبراً، ومصابرة، ومثابره لبلوغ الغاية السامية وهي توحيد المملكة العربية السعودية على أساس الالتزام بدين الله والعدل، وإسعاد الشعب الكريم وصون ماله وعرضه.

واليوم تلبس المملكة أبهى حللها في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهد الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز حفظهما الله، وقد أصبحت واحة للنماء والرخاء والأمن والتقدم والازدهار، واحدة ترفل بأشجار وافرة مثمرة من العلم والمعرفة، وفتح الآفاق للاستثمار، ووضع قواعد اقتصاديه راسخه لمفهوم اقتصاد جديد يقل فيه الاعتماد على النفط كمصدر وحيد للثروة، والعمل على تنويع مصادر الدخل مثلا التصنيع، والسياحة، والخدمات، والتقنية، ومحاولة سد حاجة السوق من المنتجات المنافسة في ظل استقرار سياسي، ورؤية واضحة هي في رؤية 2030، التي جعلت المستثمر، يقدم وقد وضحت أمامه معالم الطريق، والهدف الذي تصبو إليه هذه الرؤية .

يشاهد العالم أجمع النشاط السياسي الذي تقوم به المملكة، والقرارات الحازمة التي اتخذت لما فيه مصلحه السلم العالمي، ومحاربة الإرهاب وتمويله، ومنع تغلغل دولة بعينها في الشأن الداخلي للمملكة، والدول المجاورة، وهي اليوم تحتل مكانه مرموقة في التأثير على القرار العربي والإسلامي والدولي لثقة العالم في منطلقاتها وأهدافها، ووضع ذلك موضع التنفيذ الفعلي، وهي تحارب بكل ما أوتيت من قوة دينية واقتصادية وسياسية الأفكار الهدامة التي تسعى لزعزعة الدول الأخرى .

وتجدر الإشارة إلى أن هذا الاحتفال لم يقتصر على المملكة بل تحتفل به دول أخرى لما للمملكة من محبة في قلوب الآخرين، فعندما يسير المرء في شوارع ومؤسسات الإمارات العربية المتحدة، يرى الأعلام السعودية مرفوعة في كل جانب، احتفالا بهذا اليوم الوطني من قبل القيادة الإماراتية والشعب الإماراتي الكريم، الذي وضع يده بيد المملكة في جميع القضايا القائمة في هذا العصر هذا المليء بالأحداث.
راجين من العلي القدير أن يديم الأمن والسلام والرخاء على جميع بلاد العالم.