عبدالله العوضي

في حكم قطر هنا «شركاء متشاكسون»، ولدينا مثل خليجي يمضي في هذا الإطار «جدر الشراكة ما ينطبخ»، من يحكم قطر على الأرض، بمعنى من يقود دفة الحكم فيها في أزمتها التي دخلت أكثر من المئوية اليومية.

ما الذي يثير هذا الأمر بعد أكثر من ثلاثة أشهر من عمر الأزمة القطرية التي أصبحت أكثر من خانقة سياسياً أولاً، وهو الأخطر، ومن ثم بقية مفاصل إدارة الشعب القطري الذي لا علاقة له بما حصل وخرج من ذلك بلا ناقة ولا بعير إلا «النوق التي أعيدت إليها عبر الحدود المغلقة».

مكالمة هاتفية أصبحت في حكم المجهولة أضاعت فرصة إنهاء الأزمة من جذورها، هذه المكالمة أخذت حيزاً كبيراً من حيث التحليل والتعليل والتفسير، وخاصة بعد أن سحبت «قنا» النسخة الأولى من تفاصيل المهاتفة دون أن تبث نسخة مصححة أو معدلة، المهم أن النتيجة كانت في وقف الحوار على الفور من قبل السعودية وكافة دول المقاطعة، ترى ماذا يجري في أروقة الحكم في قطر، مَنْ الأمير الفعلي وآخر شكلي أو صوري، من بيده الحل والربط والضبط، في غمرتهم ساهون عما يدبرون لشعبهم وهم في غفلة عن أمرهم.

من بيده مقاليد الأمور اتضح من وحي هذه المكالمة التي تنفسنا فيها الصعداء فقط للحظات، حتى انقلب السحر على الساحر، فكتمنا أنفاسنا دون أن نعلم في وقتها ببواطن الأمور التي خرجت بعد ذلك من خلال صوت الارتباك المرتفع لدى النظام في قطر، ولم تجد دروس الثلاثة أشهر الماضية للوعي القطري نفعاً، حتى تستمر في غيّها السياسي، ترى إلى أين؟

نقول من يدير قطر من دون الأمير تميم، ومنذ أكثر من عقدين الأول وفي المقدمة هو «تنظيم الحمدين» وهو التنظيم الذي افتعل الأزمة الأولى مع الإمارات قبل أكثر من عشرين سنة، وحلّها زايد رحمه الله بحكمته السديدة في ظرف ساعة، وهو ما ضيعه تميم في المكالمة بعد دقائق من انتهائها، فشتان الفرق بين تلك الحكمة الممتدة والمكالمة التي عانت من خلوها.

أما رجع صدى المكالمة التي قطعت الأنفاس بدل أن توجد الحل الأمثل للأزمة التي طالت، خرجت «قنا» لتضع فضل الوساطة في السلة الأميركية وتجاهل المساعي الكويتية التي قدمت الضمانات تلو الأخرى لصالح قطر، وأعلنت قطر الانتصار عندما ذكرت بأن ولي العهد السعودي هاتف تميم وليس العكس، كما وقع.

المتابع يلاحظ بأن الحكم بيد مجهول، والإعلام بيد آخر، والسياسة الخارجية بيد ثالث، والفكر «الإخواني» ومن حذا حذوهم في تدمير الأوطار بسلاح فكر الإرهاب الذي تروج له قطر وترغبه بدل أن تتخذ قرارها حاسماً لترهيبه وطرده وقلعه من جذوره.

كيف ينضج ما في القدر القطري، إذا كان كل هؤلاء إضافة إلى «عزمي»، يساهمون في جر قطر إلى خارج الرّحم الخليجي والعربي، بعد أن استبدلت بأرحام الأتراك والفرس.

فهل هناك تعبير لهذا التخبّط والمسّ مثلاً كما قال الله سبحانه وتعالى في أصدق كتابه وتشريعه ومنهجه (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا رَجُلا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلا سَلَمًا لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلا الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ)

هذا حال الأمير تميم في عز ولايته التي تتقاذفها حجارة الشركاء يمنة ويسرة، فكلما اقترب من الحل الحاسم خطوة جروا قدميه إلى الوراء خطوات غير معدودات.

قطر قبل أن تنشر على الملأ الخبر الملفّق لانتصاراتها على الدول الأربع حري بها أن تنتصر على معركة النفس في الداخل، لأن الدول المقاطعة لم تعلن الحرب عليها وليس في نيتها ذلك، فقد استخدم كافة المسؤولين في تلك الدول عبارات القطع بلم ولن تقوم حرب ضد قطر، وهو ما سموه بالأمر المضحك في الترويج له منذ اللحظة الأولى، ووسائل الإعلام القطرية تروج لسيناريو الغزو والوهم.

القرار يجب أن يكون بيد تميم فقط لا غير، ولا يكون ذلك إلا باستبعاد كافة الشركاء المتشاكسين، ويتخذ الأمير قرار الرجل الواحد والحاكم لإعادة قطر إلى الرحم الطبيعي بعيداً عن أرحام «الاستبضاع» الصناعية من أي مصدر جاءت، فالقرار الآن في مربع الأمير تميم بلا مراوغة ولا مخادعة للذات.