أحمد عبدالتواب

استقبل الكثيرون باستحسان وتفاؤل موقف فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب ضد الفتاوى الأخيرة التى صدمت الرأى العام، والتى وصمها فضيلته بأنها شاذة. وكانت كلماته واضحة بأنه لا يصحّ الترويج للأقوال الضعيفة المبثوثة فى كتب التراث وطرحها على الجمهور. وكان من المأمول أن يرى الناس إجراءات عملية سريعة تشفى الغليل، بالتعامل الحاسم والعاجل مع جذور المشكلة. ولكن، ومع كل الاحترام للمقام الرفيع لفضيلة الإمام ولشخصه الكريم، إلا أن طلبه بضرورة الحجر على أصحاب هذه الفتاوى ربما لن يكون الحل المجدي، لعدة أسباب: أولها أن للحجر شروطاً يجب أن تقبلها المحكمة بناء على تقرير طبى يثبت أن هناك علّة أصابت العقل، وأن آثارها تتجلَّى فى تصرفات طائشة، كما أن أسباب الحجر، وفق القانون، هى صغر السن أو الجنون أو العته أو السفه أو الغفلة. وهى جميعاً تخرج عن الحالات التى نحن بصددها. بل إن أصحاب الفتاوى المثارة عقلاء، من هذا النوع الذى لا يستخدم العقل وإنما يتباهى بالتزامه بالنقل، وأن هذا هو ما تلقنه عبر نظام التعليم الذى أثبت تفوقه فيه بحصوله على أعلى شهاداته. 

أخشى أن هذا السبيل قد يورطنا فى مسائل إجرائية تطول وتحتمل الأخذ والرد، والمكسب والخسارة، وتبعدنا عن جذر المشكلة الذى يكمن فى هذه الكتب القديمة التى نقل منها أصحاب الفتاوي! 

وقد يكون من الأكثر فائدة عدم قصر العلاج على معاقبة أصحاب هذه الفتاوي، وإنما بالتعامل مع الجذور، كأن يتصدر الأزهر الشريف جهوداً متعددة، تشارك فيها أطراف كثيرة، مثل وزارتى التعليم، والتعليم العالي، ومؤسسات ومراكز علمية وبحثية، ولجان برلمانية..إلخ، تعقد مؤتمرات علمية موسعة، تلقى الضوء على مضمون هذه الكتب وأمثالها، لهؤلاء الفقهاء وأمثالهم، وعن ملابسات عصورهم، وعن كيفية انحرافهم عن روح الدين، وكيفية تورطهم فى مقولات غريبة، وعن تبعات تبنى هذه الأفكار عبر القرون..إلخ. وعلى أن يُتاح للرأى العام متابعة كل التفاصيل، حتى يمكن أن نخطو خطوة جادة، قد تكون الأولي، تلبية لنداء الرئيس السيسى بضرورة إحداث ثورة دينية.