التعليم كما نريد

عواجي النعمي

استقبلت مدارس منطقة جازان أكثر من 200 ألف طالب وطالبة و30 ألف معلم ومعلمة مع انطلاق العام الدراسي الجديد. وتزامنت هذه الانطلاقة مع مناسبة اليوم الوطني والذي احتفل به أبناء وبنات الوطن بكل حب وانتماء. بدأ العام الجديد مع تحديات كبيرة كانت وما زالت الهم الأكبر لتعليم المنطقة، فازدحام الفصول والمباني المستأجرة وعقود الصيانة والنظافة ونقص الأدوات التعليمية بما في ذلك العامل البشري ووسائل نقل الطلبة، كلها هموم تثقل كاهل المسؤولين.

ورغم النجاح الذي حققته المنطقة على مستويات محلية وعالمية، إلا أن جميع المهتمين بالحركة التعليمية يتشاركون مع نظرائهم في بقية مناطق المملكة حيال ضرورة إصلاح التعليم. ولعل من أجمل الرؤى التي شخصت واقع التعليم السعودي هو كتاب الدكتور العيسى وزير التعليم حاليا (إصلاح التعليم في السعودية)، والذي قال عنه الراحل غازي القصيبي إنه أهم كتاب صدر في الشأن العام خلال عقدين من الزمن ويتحدث القصيبي رحمه الله عن تفاصيل الكتاب ليقول لو استعرضنا المشاكل الكبرى التي يعاني منها المجتمع السعودي كالفقر وضعف الإنتاجية وترهل الأداء الوظيفي في القطاعين العام والخاص لوجدناها تنبع مباشرة من النظام التعليمي، ويستحيل حلها دون إصلاحات حقيقية لهذا النظام. ويضيف القصيبي قائلا من الصعب أن يستطيع أي مجتمع تسيطر عليه العادات والتقاليد إبداع نظام تعليمي معاصر يشجع العلم وينبذ العادات المتوارثة.


إن هذا الارتباط الوثيق بين النظام التعليمي وبعض القيم السائدة في المجتمع هو الذي يخلق في كثير من الأذهان الانطباع أن أي محاولة لتغيير نظام التعليم هي عدوان على ثوابت المجتمع. وكتاب (إصلاح التعليم في السعودية) يلخص مشاكل التعليم في المملكة في ثلاث نقاط رئيسية: أولا غياب رؤية تبلور استراتيجية وطنية واضحة للنظام التعليمي، وثانيا توجس الثقافة الدينية من محاولات التغيير، وأن أي محاولة لصناعة تعليم جديد هي هدم لثوابت الدين، وثالثا عجز الإدارة المركزية عن إحداث التغيير المطلوب، ويرى إعطاء كل منطقة تعليمية صلاحيات إدارية ومالية مستقلة. إصلاح التعليم له وجهان أحدهما المعلم والوجه الآخر المنهج والبيئة التعليمية. ولعل صناعة التعليم تبدأ من مرحلة الروضة والتي يجب أن تكون مرحلة تعليمية يتم فيها بناء شخصية الطفل وصقل مواهبه.