ماجدة موريس 

هل خلقت الجوائز الدولية الشهيرة الرغبة لمنازعتها أو تقليدها من باب إثارة الاهتمام؟ الإجابة نعم. فبعدما ترسخت قواعد جوائز مثل «الأوسكار» و «الغولدن غلوب» أصبح هناك جوائز في العالم باسم الأوسكار ولكن في صيغة محلية ترعاها مؤسسات أهلية ناشئة تبحث عن شهرة سريعة تجدها في اقتباس الاسم الكبير.

وكم من مؤسسة مصرية خاصة قدمت جوائزها بهذا الاسم، إلا أن الجديد ها هنا هو «جوائز الإيمي» المخصصة للتلفزيون، والأميركية أيضاً، والتي اقتبست كاسم أخيراً عبر برنامج «البشير شو» للفنان العراقي الساخر أحمد البشير ليوزعها على من رآهم مستحقين لها. وهو ما عرضته قناة «دوتشه فيله» DW الألمانية التي تبث عروض البشير منذ شهور طويلة كحاضنة لهذا البرنامج الانتقادي الساخر بعدما ضاقت به المؤسسات الإعلامية المحلية، على رغم أنه يقدمه وسط جمهور كبير.

لم يترك البشير في هذه الحلقة سياسياً عراقياً لم يسخر منه، ولم تكن السخرية مجرد تعليق له على أداء هذا السياسي أو ذاك وإنما جاء بأفلام ومقاطع فيديو لكل من أهداه جائزة من جوائزه التي أضفى عليها جواً ديكورياً ملائماً تماماً، حيث جهز الإستوديو باعتباره منصة كبرى كتب على جانبها الأيمن «جوائز إيمي حمد البشير» مع فريق من الفتيات والفتيان في أزياء الشهرة يساعدونه، وبالطبع هناك العارضون للمقاطع المسجلة والتي جرى اختيارها بدقة وتوقيتها عند عبارات وكلمات دالة وقادرة على استخدامها من قبل مقدم البرنامج الذي شارك أيضاً في الكتابة مع اثنين غيره هما أيمن حمد ومحمد شكري. وعلى التوالي ذهبت جوائز إيمي البشير إلى الجعفري وأياد علاوي وغيرهما، وبينهم رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، ولكل أسبابه، وامرأة واحدة فقط هي سارة علاوي التي اكتشفت أنه توجد لدينا دول جوار والتي لا تفتأ تتحدث دائماً عن إصلاح العملية السياسية.

ويبدو أن إصلاح العملية السياسية وإقامة المصالحة الوطنية والإلحاح في شأنها كانت سبباً مهماً ضمن أسباب جوائز البشير الساخرة من الجميع، بل إنه أعطى جائزة تحقيق الأحلام إلى سياسي حالم بمنصب رئيس الجمهورية وأسماه «الحالم» و «صاحب نظرية» «أنا وياك ومش وياك»، وفي كل مرة كانت يده تمتد بالجائزة التي صبغت على شكل محمود تعلوه حبة مشمش!

ومرة ذهبت الجائزة إلى سياسي له جملة شهيرة هي «في الحركة بركة» وجماهيرية واسعة وهو ما جعل مانح الجوائز الساخرة يعقب بأن «الجمهور عايز كده»، غير أن الأكثر سخرية كان في نهاية الحلقة، ونهاية الجوائز حين حصل أحدهم على جائزة أخرى غير المستحقة، سحبت سريعاً وحذفت القناة التعليق غير الملائم واضعة بدلاً منه صوتاً وكلمة في إطار هي «عيب» أي أن على المشاهد للبرنامج عبر الشاشة أن يتخيل ما يقوله البشير لكن القناة لا تحذفه التزاماً بقواعد البث.

مع ذلك بدا أن ما رآه المشاهد وسمعه كان كثيراً في ما يخص هؤلاء الذين واجهوا الجماهير عبر الفضائيات بكلمات وجمل اعتقدوا أنها تثير حولهم هالات المجد والفخار، فإذا بها تصبح وليمة شهية للساخرين بسبب هؤلاء السياسيين وتصريحاتهم. ومنهم ذلك الدكتور الذي اختتم به البشير الحلقة وسماه «مصلح الأوطان» من خلال تسجيل له يقول فيه: «وجدت أن الوطن يحتاج إلى علاج»، والمفارقة هنا أنه طبيب باطني في الأساس رأى فيه مقدم البرنامج كوميديا الانتقال من علاج البواسير والإسهال إلى علاج الوطن قبل أن يعطي الجائزة الأخيرة إلى صديق له، مغرم بتقديم ملخص يومي للأحداث.. سماها جائزة الاستنتاج... ويا لها من جوائز يستحق مثلها كثيرون من صناع السياسة في عالمنا العربي... بل في كل العالم... فالتصريحات كثيرة ولكنّ الساخرين قلة... والأبــواب المفتوحة أمامهم أقل.